فكرة الكارما وتناسخ الأرواح
هل يأتي الىوم الذي توفي فيه كل نفس ما كسبت وعلىها ما اكتسبت؟
كيف يتم تصور هذه الفكرة مع فكرة تناسخ الارواح والعودة بالتجسد مرات ومرات؟
الموضوع شائك فعلا ولكن دعونا نقول أن ما تقول به الاديان السماوية ان الحياة لابد وان لها نهاية باذن الخالق الاول وهو الله سبحانه وتعالى وتتفق في هذا اليهودية والمسيحيية والاسلام بالرغم من ان ذكر يوم القيامة لم يظهر بنفس الوضوح الذي نصع في الاسلام قرانا وسنة, وظهر بشكل خافت تماما في التوراة. ولكن ما تقوله فلسفة الكارما التي نعتبرها نحن فلسفة ان القيامة فعل شخصي أي ان الخلود وعلو الانسان عن الزمان والمكان وعن فكرة الثواب والعقاب يتحقق فعلا ولكن ليس في يوم محدد ولا في زمان محدد ولا هو فعل عام. بل هو فعل خاص وشديد الخصوصية حيث ان كل انسان ينتقل من تجسد لاخر ويتطهر في حيواته الاولي تلو الثانية تلو الثالثة وعندما يصل في تطهره ونقاءه درجة معينة ترتقي نفسه وروحه الى درجة الخلود ويخرج عن كل الاطر المادية التي احتبس فيها طوال الوقت.
البعض قد يتسائل عن العبادات التي يمارسها المتدينون في كل ملة وفي كل مكان على الارض, هل في قانون الكارما لهذه العبادات دور؟ هل تساهم الصلاة مثلا او الدعاء والابتهال والاستغفار في تغيير وطأة هذا القانون الصارم وتغيير ردة الفعل القدري والمصيري كليا او جزئيا؟ أم ان القضاء لا يرد والقدر واقع لا محالة والمصير مكتوب ولا اختيار فيه؟ سألت عالما مسلما جليلا في مرة عن فكرة القضاء والقدر وهل يكون الانسان مسير ولا حيلة له في الامر أم مخير مختار وعلى هذا يحاسب؟ فأجابني وقال يا بني الانسان مسير فيما لا يعنيه مخير فيما يحاسب علىه. فقلت له مستفهما وكيف ذلك؟ فقال أنك لا يعنيك ان تفكر في تدبير قوت خلايا العقد النابضة في قلبك فهي عضلة لااراداية تنبض وحدها بدون تدخل منك فأنت مسير في هذا ,ومسير أيضا في أن يكون لك أبوك هذا وأمك هذه, وأن يكون لك هذا الشكل وهذا الحجم وهذا الوزن. ولكن ما أنت مخير فيه هو هذا الحيز الخاص جدا ونسميه الضمير فأنت قد تقرر في نفسك وفي سرك ان تقوم الان بالتشكيك في ما اقوله لك وتفعل ذلك أو لا تفعل فلن يمنعك شئ أو احد…الىس كذلك؟ فأجبته نعم. فقال لي هكذا هو ما أعنيه فالتخيير للانسان فيما يعتمل في عقله وضميره ويحادث به نفسه ويقدم على فعله ولذا فالاسلام يقول في نصوصه ان الشخص لا يحاسب على ما ينتويه شرا ولكن يحاسب على الفعل نفسه , في حين ان نية الخير نفسها حتى لو لم يتبعها الفعل بسبب اي شئ فتحتسب ثوابا لخير باطن في الانسان.
قانون الكارما
يقول قانون الكارما :”في مقدورك أن تستخدم قانون الكارما من أجل الحصول على كل الأمور الجيدة وأي شيء ترغب به, غير أنه عليك أن تكون واعياً بأن المستقبل يحدث أو يُصنع عبر القرارات التي تتخذها في كل لحظة من حياتك أن كنت على وعي في تلك القرارات وإذا راجعتها بإنتظام, فإنك تستخدم الإمكانات القصوى لقانون الكارما, وكلما تفحصت قراراتك تحت ضوء الوعي, كلما خلقت أفعالاً صحيحة بشكل عفوي لك وللمحيطين بك”.
تأثير الكارما القديمة على حياتنا الحالية؟ هناك ثلاثة أمورعلينا فعلها بصدد الكارما القديمة:
1) أن يقوم الانسان بسداد الديون الكارمية وهي النتاج الاخلاقي المنطقي لأفعاله السابقة في الحيوات السابقة, معظم الناس يفعلون هذا بشكل لا شعوري أو بدون وعي منهم لا بما يحدث ولا بفكرة الكارما أصلا, في بعض الأحيان ثمة كثير من المعاناة الحالية التي يعانيها أي شخص يتعلق سببها بدفع الديون الكارمية, قانون الكارما يقول بأنه ليس هناك دين في الكون لا يُسدد, هناك نظام متكامل للحساب, وكل شيء يأتي ويذهب بشكل متواصل وبإهتزازات متغيرة دوماً.
2) الأمرالثاني هوأن نحاول استخلاص الحكمة والايجابية مما نحصده من سلبيات أو متاعب بتغيير نتائج الكارما إلى خبرة مرغوبة. هذه العملية ممتعة, فعندما تسأل نفسك أثناء تسديدك الديون المترتبة على أفعالك الكارمية (ما الذي على تعلمه من هذه التجربة؟ أو لماذا حدث لي هذا الشيء وما هي الرسالة التي يقدمها الكون لي في هذه اللحظة؟ كيف يمكنني أن أجعل هذه التجربة مفيدة للغير؟) بفعلك هذا فإنك تبحث عن بذور الفرص الايجابية, ومن ثم أربط تلك البذور مع الدارما dharma وهي هدفك في الحياة, هذا قد يساعدك ويسمح لك بتحويل التجارب الكارمية السلبية إلى تجربة إيجابية سواء في مستقبلك في حياتك تلك أو فيما يليها.
3) الأمر الثالث في التعامل مع الكارما هو أن تتجاوزها, تجاوز الكارما يتم عبر الغوص في تجربة الوعي الأعلى, النفس والروح وما نسميه في علم النفس الأنا العليا. إنها عملية تشبه غسل الثوب في الماء في كل مرة تغسله يصبح اكثر نظافة وتزول البقع منه تدريجياً, هو عملية التطهر والاستغفار والتوبة بالمفهوم الاسلامي, وهو عملية الدعاء والاعتراف والغفران بالمفهوم المسيحي. فإنك تغسل أو تتجاوز بذورك الكارمية عبر رحلتك ووصولك لمنطقة السكون العميق أو اللاحركة ثم العودة منها ثانية. هذا طبعاً يتم خلال تجربة التأمل العميق.
ستجد في كتب الكارما من المفاهيم البارزة المدهشة للانسان أن “جميع الأحداث هي أفعال كارمية, حتى تناول وشرب فنجان من القهوة هو حدث كارمي. ذلك يُحدث ذكرى ما والذكرى لها القدرة لإثارة الرغبة ,والرغبة ستحدث فِعلاً ثانيةً وهكذا. وإن القائم بالعمليات العقلية أو الذهنية لنفسك هي الكارما, الذاكرة, الرغبة. إن تكوين الإنسان النفسي هو حزمة الوعي الأعلى التي تحتوي بذوراً كارمية. وكلما أصبحت واعياً لبذور الكارما كلما أصبحت واعياً لخلق واقعك, وما أن تصبح واعياً لخلق قرارك ستبدأ في خلق أفعالأً تطورية لك وللمحيطين بك وهذا هو كل ما تحتاج الىه. بقدر ما تكون الكارما جيدة, سواءً في ما يتعلق بالنفس أو أي شخص آخر متأثر بها, حينئذٍ ستكون ثمار الكارما والسعادة والنجاح”.