فطام الطفل هو من الأمور المُحيرة بالنسبة لكل أم استقبلت مولودها الأول، ودائماً ما تتردد أسئلة كثيرة حول ذلك الأمر، فإذا كان السؤال يبدأ بـ (متى) فالإجابة عليه يسيرة ومعروفة للجميع، أما إذا بدأ السؤال بأداة الاستفهام (كيف) فهذا أمر آخر، فـ فطام الطفل في الواقع لا يعني حرمانه من ثدي أمه الذي اعتاد عليه لفترة طويلة، فذلك قد يعرضه للعديد من المشكلات الصحية والنفسية، إنما عملية الفطام تتم بشكل تدريجي بدءاً بمرحلة التمهيد ووصلاً لمرحلة الفطام الكامل، فما هي تلك المراحل التي حددها أساتذة طب الأطفال وكيف تتم؟
مراحل فطام الطفل :
مرحلة فطام الطفل من أكثر المراحل حساسية ضمن مراحل نمو الطفل المختلفة، ومع بلوغ الطفل لها تكثر أسئلة الأم حولها، والسؤال الدائم التكرار هو عن كيفية تحقيق تلك النتيجة بطريقة صحية وسليمة، كي لا تؤثر سلباً على صحة الأطفال سواء البدنية أو النفسية، وفي هذا الصدد وضع خبراء طب الأطفال مجموعة من الخطوات، والتي تجرى على مدار عِدة، وتختلف كل خطوة باختلاف عمر الطفل، كي تكون متناسبة مع حالته الصحية وقدرات أعضاء جسمه الآخذة في النمو، وتعد هذه الخطوات إجراء تمهيدي يقود في النهاية إلى فطام الطفل بشكل تام، وبأساليب صحية تقيه من التعرض لأي أثر سلبي قد ينتج عن عملية الفطام، ومراحل فطام الأطفال تم تقسيمها تبعاً لمراحل النمو كالتالي :
الشهر الرابع ( البداية ) :
فطام الطفل رغم أنه يتم في عمر عامين تقريباً إلا أن التمهيد له يسبق ذلك بفترة كبيرة، ووفقاً لنصائح أساتذة طب الأطفال فأن بدء التمهيد لهذه العملية يكون في آواخر الشهر الرابع من عمر حديثي الولادة، ويفضل استشارة الطبيب المتابع لحالة الطفل الصحية قبل البدء بإجراء ذلك الأمر، إذ أن في بعض الأحيان ينصح الأطباء بتأخير عملية إدخال أطعمة أخرى إلى النظام الغذائي للطفل مدة شهر، بمعنى أن تبدأ عملية إطعامه في آواخر الشهر الخامس تقريباً، وذلك كي يكون وزن الطفل وحالته الصحية ملائمة لاستقبال هذه الأطعمة، والأطعمة التي يمكن البدء بها في هذه المرحلة بجانب الرضاعة الطبيعية تتمثل في :
– البسكويت المهروس.
– اللبن الزبادي منزوع الدسم.
– المهلبية الخفيفة.
بإدخال هذه الأطعمة الخفيفة على النظام الغذائي للرضيع، تكون قد بدأت عملية التمهيد لـ فطام الطفل ،ويتم تناول هذه الوجبات الخفيفة مرتين يومياً بإبدالهم لرضعتين من رضعاته اليومية، على أن تكون الوجبة الأولى من المهلبية، والثانية عبارة عن قطعة بسكويت مهروسة باللبن الزبادي، مع مراعاة أن يكون ذلك بمقادير بسيطة تتناسب مع قدرة الطفل.
الشهر السادس ( التطوير ) :
المرحلة التالية من عملية التمهيد لـ فطام الطفل تبدأ تقريباً مع بداية الشهر السادس من عمره، وهذه المرحلة تتشابه إلى حد كبير مع المرحلة السالفة، إذ أنها تعتمد على إدخال أنواع أخرى من الأطعمة الخفيفة منزوعة الدسم، ويتحدد مقدار الوجبات باستشارة الطبيب المتابع لمراحل نمو الطفل وحالته الصحية، والغرض من هذه المرحلة أيضاً هو التمهيد لـ فطام الطفل التام، بجانب أن الأطعام المُدخلة على نظامه الغذائي في تلك المرحلة تمده بالعديد من العناصر الغذائية، والتي تمثل أهمية قصوى بالنسبة للطفل خلال تلك المرحلة التي تشهد نموه العضلي، ومن أمثلة الأطعمة التي يتم تقديمها للطفل بعد الشهر السادس :
– الخضروات والفواكه.
– الأرز المسلوق.
– ذرات الملح.
– الليمون.
– عسل النحل.
وهنا يجب التنويه إلى بعض الأمور الواجب الحذر منها حرصاً على صحة الطفل، أولها أن يتم إزالة قشور الفواكه وتنقيتها تماماً من البذور، وقبل فطام الطفل لا تقدم له هذه المأكولات إلا مفرومة أو مهروسة، أما الخضروات فيتم سلقها أولاً حتى تكون مستساغة بالنسبة للطفل، ويمكن إضافة القليل جداً من الملح أو عُصارة الليمون لتحسين المذاق، ومن المعروف أن الطفل في هذه المرحلة العمرية يُطعم خمس مرات يومياً، ويفضل أطباء الأطفال تقسيمهم إلى رضعتين بجانب ثلاث وجبات من الأطعمة الأخرى.
الشهر السابع ( الغذاء الحيواني ) :
الشهر السابع يشهد قفزة نوعاً في النظام التمهيدي لـ فطام الطفل ،فبعد أن اعتاد الطفل على تناول أصناف مختلفة من الغذاء النباتي كالفواكه والخضر، يكون بذلك مؤهلاً لاستقبال عنصر من أهم العناصر الغذائية ألا وهو البروتين الحيواني، وخلال هذه المرحلة يبيت بمقدور الطفل تناول :
– اللحوم البيضاء.
– اللحوم الحمراء منزوعة الدهون.
– كبدة الدواجن.
– الجبن القريش.
أما عن معدل تناول هذه الأطعمة فهو يستمر كمان بالمرحلة سابقة الذكر، مقسم إلى رضعتين كاملتين طبيعيتين بينما الوجبات الثلاثة الأخرى تكون من الأغذية المختلفة، ويحذر الأطباء هنا من الإفراط في إطعام الطفل لهذه الأطعمة المُستجدة بالنسبة له، وإنما يجب أن يتم الأمر بروية وتقديم ما يمكن للطفل أن يستسيغه بسهولة في البداية، ثم يتطور الأمر تدريجياً من حيث نوع الطعام وكذلك الكمية المقدمة له، وما تشهده هذه المرحلة من تطور في نوعية الطعام، تجعلها من أهم المراحل المؤهلة لـ فطام الطفل
الشهر الثامن ( تقليل الرضاعة ) :
مع بداية الشهر الثامن لا تضاف أي أصناف جديدة إلى النظام الغذائي للطفل الرضيع، إنما التغيير هنا يكون في عدد مرات الرضاعة التي يتلقاها، والتي تنخفض حتى تصير رضعة واحدة فقط على مدار اليوم بالكامل، بينما تصبح الوجبات الأربعة الأخرى من الغذاء النباتي والحيواني، وبذلك تنعكس الأمور بالنسبة للطفل ويصير أكبر اعتماده في الغذاء على الأطعمة المتنوعة بدلاً من حليب الأم، وهو ما يمهد الطريق نحو فطام الطفل مستقبلاً بصفة نهائية.
الشهر التاسع :
يستمر خلال ذلك عملية التمهيد لـ فطام الطفل كما هو الحال خلال الشهر الثامن، مع إمكانية زيادة كمية الأرز أو العدس مع الخضار المهروس وتقديمه للطفل، لكن خلال هذه المرحلة يكون الطفل قد اعتاد على تناول الأطعمة المختلفة، ومن ثم يصبح بالإمكان عدم تصفية الطعام بنسبة 100% أو فرمه وهرسه تماماً، وذلك كي يعتاد الطفل على تناول الأطعمة ذات القوام السميك نسبياً، مع الحفاظ على نفس النظام المتضمن لأربعة وجبات عادية والوجبة الخامسة عبارة عن إرضاع الصغير.
الشهر العاشر ( طعام الأسرة ) :
بعد ما تم اتخاذه من خطوات تمهيدية وتصعيدية نحو فطام الطفل ،يأتي الشهر العاشر ليُعامل الطفل خلاله وكأنه قد تم إفطامه فعلياً، فخلال هذه المرحلة يمكن أن يتم تقديم نفس طعام الأسرة للطفل، دون التقيد بأصناف محددة أو طرق إعداد معينة تتناسب معه، لكن بالطبع يجب الحذر من بعض الأصناف مثل الأطعمة الدسمة أو المضاف إليها توابل حارقة، إنما يقصد بطعام الأسرة هنا الحبوب والخضروات واللحوم البيضاء والأطعمة الخفيفة الاعتيادية.
الحادي عشر والثاني عشر :
النمط الغذائي للطفل الذي بدأ خلال الشهر العاشر لا يطرأ عليه أي تغيير خلال هذه الفترة، باستثناء إمكانية تقديم الحليب العادي الخالي من الدسم إلى الطفل، ويُفضل استشارة الطبيب المتابع لنمو الطفل قبل الإقدام على تلك الخطوة، أما النصيحة التي يقدمها أطباء الأطفال للأمهات عدم التعجل في إتمام عملية فطام الطفل ،فكونه بات يعتمد بشكل رئيسي على طعام الأسرة لا يعني أنه ليس في حاجة إلى حليب الأم، فبعض الأمهات يفضلن إفطام الطفل في ذلك التوقيت المبكر، لكن الحقيقة أن ذلك قد ينعكس بشكل سلبي على الطفل مستقبلاً، ولذلك يُفضل إعمال قول الخالق -عز وجل- و فطام الطفل عند بلوغه سن العامين، ليكون قد استفاد من العناصر الغذائية التي يمده بها حليب الأم بشكل كامل.
ما بعد الشهر الثاني عشر :
يستمر الوضع كما هو حتى يتم فطام الطفل تماماً عند بلوغه العامين، ويؤكد أطباء الأطفال أن باتباع هذه الخطوات التدريجية، تصبح عملية فطام الطفل أكثر يسيراً ولا تواجه الأم كثير من العوائق خلالها، بالإضافة إلى أنها تضمن للطفل نمو صحي واستفادة تامة من مختلف العناصر الغذائية.