التغلب على العصبية أمل يرغب بتحقيقه عدد كبير من البشر، خاصة هؤلاء الذين لحقت بهم عِدة أضرار بسببها، فيبدأ الأمر عادة بمجرد سوء فهم أو مناقشة، ليتفاقم إلى لحظة غضب وثورة وانفعال زائد، وتلك اللحظة العابرة يترتب عليها تدمير العلاقات الاجتماعية، أو ينتج عنها مشكلات في محيط الأسرة أو العمل، بل والأدهي من ذلك ما توصل له العلم من أضرار صحية تنتج عنها، التي تلحق بالمرء نتيجة فقدانه المستمر للسيطرة على انفعالاته، ليبقى الحل الوحيد لتجنب تلك الآثار السلبية جميعها، هو التغلب على العصبية والتخلص منها إلى الأبد.
التغلب على العصبية .. كيف ؟
كيف يمكن التغلب على العصبية والانفعال الزائد عن الحد؟.. سؤال طالما تكرر ودائماً كان بلا إجابة، إلى أن حدد العلماء وخبراء طب النفس مجموعة من العوامل أو العادات، والتي يحقق القيام بها تلك الغاية.. فما هي ؟
واجه نفسك بالحقيقة :
الأمر لا يتعلق بـ التغلب على العصبية المفرطة، أو الاستثارة السريعة والانفعال الزائد عن حد، بل أن أي مشكلة تواجه الإنسان في حياته، أولى الخطوات الإيجابية نحو إيجاد حل لها، هي أن يتوقف الإنسان عن إنكارها، وأن يمتلك من الشجاعة ما يكفي ليواجه نفسه بها، والاندفاع المبالغ به وسرعة الاستثارة وإبداء الغضب، لذا فأن أول ما يجب على الراغب في التغلب على العصبية أن يفعله، هو أن يعترف بأنه يمارس سلوكاً خاطئاً، بل أنه سلوكاً خطراً يهدد استقرار حياته الاجتماعية، وفي ذات الوقت يجعله عرضة لأكثر من مشكلة صحية، مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري وما قد ينتج عنهما من مضاعفات.
القدرة على التغيير :
هذا طبعي وجزء من تكويني والطباع لا تتغير، تلك القناعة الزائفة المسيطرة على العديد ممن يتسمون بسرعة الغضب، كفيلة بأن تدمر آمالهم في التغلب على العصبية يوماً، حيث أن اقتناعهم بهذا يدفعهم إلى الاستسلام لواقعهم، ومن ثم يُعجزهم عن التفكير في أية حلول ممكنة، لذا الخطوة الثانية على طريق التغلب على العصبية ،بعد مواجهة الإنسان لنفسه بوجود المشكلة واعترافه بالحقيقة، هي أن يُعد نفسه للمقاومة والعمل على تغيير تلك الحقيقة، وإقناع ذاته بأن الحقيقة الوحيدة هي أن التغيير سنة الحياة، مما يعني أن كل شيء قابل للتغير حتى السمات الشخصية.
النوم الجيد :
أثبتت أكثر من دراسة علمية أن فوائد النوم الصحية عديدة، ولأن القاعدة البحثية تقول أن الأمور تعرف بأضادها، فيمكننا من ذلك استنباط أن قلة النوم تلحق بالإنسان أضراراً صحية عديدة، بل أن هذه الأضرار تنعكس على الصحتين النفسية والجسمانية، ويُعده أطباء النفس من المسببات الرئيسية لحالات الاكتئاب، وذلك لأن اضطراب النوم يؤجج مشاعر التوتر، كما يؤثر سلباً على القدرات العقلية والإدراكية ويجد الشخص صعوبة في التركيز، وجميعها عوامل تساهم في إفشال عملية التغلب على العصبية ، علاوة على أن ذلك التأثير السلبي الناجم عن قلة ساعات النوم، يجعل الشخص مائلاً إلى الغصب سريع الثورة، وترتيباً على المذكور يصبح الحصول على نوم متسم بالهدوء والاستقرار، ولفترة لا تقل عن 6 : 8 ساعات بصفة يومية، من العوامل بسيطة الإجراء عظيمة التأثير، والتي تساهم بفاعلية في التغلب على العصبية
وقت للراحة :
خدعوك فقالوا أن العمل لساعات متواصلة يحقق إنتاجية أكبر، فقد أثبتت أكثر من دراسة وبحث صحة نقيض ذلك، فالعمل المستمر لعِدة ساعات يرهق الجسد والنفس والعقل أيضاً، ونتيجة لذلك تتأثر إنتاجية الفرد سلباً وتنخفض بنسبة كبيرة، كما أن الضغوط العصبية الناتجة عن كثرة العمل، من مسببات التوتر الذي ينعكس على سلوكيات الشخص، ويعكر صفو الحالة المزاجية فيجعله سريع الغضب، ولذلك حفاظاً على الصحتين النفسية والجسمانية، وفي ذات الوقت التغلب على العصابية المبالغ بها، لابد من الحرص على فترة وجيزة للراحة خلال ساعات العمل، وكذلك الحصول على يوم على الأقلكراحة أسبوعية من ضغوط العمل.
دعم المقربين :
من الخطوات الهامة نحو التخلص من العصبية ،هي ألا يعاني الفرد هذه المشكلة منفرداً، بل أن عليه الاستفادة من دعم المقربين منه، لا عيب في ذلك ولا حرج فالحياة بطبيعتها تقوم على المشاركة، و التغلب على العصبية رغم أنه أمراً ممكناً، إلا أنه في الوقت ذاته ليس من الأمور الهينة، فإذا كان لدى الشخص فرصة لتلقي الدعم، فعليه اغتنامها بإبلاغ المقربين والمحيطين به باعتازمه التغلب على العصبية ،وفي تلك الحالة سيكونوا بمثابة ردار أو لجنة تحيكم، ترصد تصرفاته وتقيمها وتنبهه وقت اللزوم، كما أن مدحهم للفكرة وتشجيعهم، سيكون خير وسيلة تدفعه إلى التمادي في المحاولات، حتى يحقق غايته وهي التغلب على العصبية وسرعة الانفعال.
تبادل الأدوار :
إذا قام الإنسان العصبي بمراجعة المواقف التي شهدت انفعالاته الحادة، وأعاد تقييمها بعد مضي فترة زمنية عليها، سيجد أنه قد تهور كثيراً وبالغ في رد فعله، وأن النسبة الغالبة من تلك المواقف لم تكن تستدعي أبداً تلك الثورة، وفي سبيل تغيير ذلك و التغلب على العصبية الحادة، ينصح خبراء الطب النفسي بضرورة استرجاع التجارب السابقة، والنظر فيما ترتب عليها من آثار سلبية، ومن ثم التعلم منها كي لا يتم تكرار الخطأ ذاته، وفي ذات الوقت يجب قبل إصدار رد فعل ما، أن يقوم بالنظر للأمور من وجهة نظر الشخص الآخر، فأغلب المواقف التي نتعامل معها بعنف أو غضب، تكون قد تفاقمت أساساً نتيجة حدوث سوء فهم، واختلاف في وجهات النظر وتقدير الأمور، يبدو الأمر في ظاهره بالغ التعقيد لكن مع ممارسته سيصبح بسيطاً، علاوة على أن أطباء النفس يؤكدون فاعليته، وأنه سيساهم بنسبة كبيرة في عملية التغلب على العصبية
التنفس المنتظم :
التغلب على العصبية يشبه الإقلاع عن التدخين، تحقيقه ممكن ولكنه لن يتم في بين ليلة وضحاها، إنما الأمر يتطلب إصراراً وصبراً وجهداً من الراغب في ذلك، وفي الأيام الأولى من اعتزام التغلب على العصبية ،سيجد الإنسان صعوبة بالغة في الامتناع عنها، فتلك هي السلوكيات التي اعتاد على ممارستها لسنوات طويلة، ولن يمكنه بأي حال أن يتوقف عنها فجأة، وسيجد نفسه يندفع ويثور في بعض المواقف التي يتعرض لها، ولكن يمكنه هنا الاستعانة بنصيحة علماء النفس، وهي الحرص على التنفس بعمق قبل الإقدام على أي تصرف، نعم.. تلك الوسيلة البسيطة تعين في التغلب على العصبية ،فالتنفس العميق يدفع الأكسجين بكمية أكبر إلى المخ، مما يساهم في الحد من التوتر وشد الأعصاب، وتلك اللحظات التي يستغرقها اتخاذ الشهيق، تعرقل عملية الاندفاع الغضب المفاجيء.
النشاط المجتمعي :
لا شيء أفضل من كسب الثواب والراحة النفسية معاً، وقد وجدت بعض الدراسات العلمية التي المتناولة للصحة النفسية، أن الاشتراك في العمل التطوعي أو الخيري، أحد الطرق التي تساعد في التغلب على العصبية ، حيث الدراسات المقارنة التي جرت في إحدى الجامعات الأمريكية، توصلت إلى أن من حرصوا على خوض تجربة العمل المجتمعي التطوعي، كانوا أكثر مرونة وقدرة على حل المشكلات والتعامل معها، مقارنة بالحالات الأخرى التي انشغلت بعملها الرسمي طوال الوقت، كما أن شعور المرء بتقديمه المساعدة للغير، يحسن من حالتيه النفسية والمزاجية، ويمنجه السعادة المستمدة من إحساسه بتمكنه من إسعاد الآخر.
النشاط البدني :
الأثر الإيجابي الذي تحدثه التمارين الرياضية بالغ التعدد، ومن ضمن فوائد الانتظام في ممارسة الرياضة بصفة يومية، هو أنها تعد من وسائل التغلب على العصبية ،حيث أن ممارسة الأنشطة البدنية تبعث شعوراً بالراحة في النفس، وتحد بنسبة كبيرة من المشاعر السلبية مثل التوتر والقلق، كما أن الرياضة تزيد من شعور الإنسان بثقته في نفسه، وهي من الأمور التي يحتاجها الإنسان عند سعيه إلى التغلب على العصبية
الاسترخاء :
التغلب على العصبية يبدأ بالتخلص من مسبباتها، وذلك الانفعال الزائد يأتي عادة كنتيجة مباشرة للضغط المتزايد، الناجم عن التعرض لمشكلة اجتماعية أو كثرة العمل وخلافه، لذا عليك ممارسة بعض العادات التي تمنحك شعور الاسترخاء، ومن ثم تحد من التعرض للتوتر والضغط وتخلص من العصبية، وتحقيق الاسترخاء لا يتطلب بالضرورة مجهوداً أو وقتاً طويلة، فمن طرق الاسترخاء .. 10 طرق تحقق الاسترخاء في دقائق، تعرف عليها واحرص على ممارستها واغتنام فوائدها العظيمة.