ضربة الشمس من الإصابات التي تنتشر خلال الصيف، نظراً لما يصاحبه من ارتفاع شديد بدرجات الحرارة، ويعد التعرض لـ ضربة الشمس من المخاطر الشديدة، وتصنف ضمن الإصابات المُهددة للحياة، وذلك لإنها تؤدي إلى توقف آلية تنظيم حرارة الجسم، ونتيجة لذلك ترتفع حرارة الجسم الداخلية بشكل ملحوظ، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على الوظائف الحيوية، ويدفعها إلى الانهيار تباعاً في زمن قياسي.
ضربة الشمس .. الأعراض والوقاية وطرق التعامل معها :
في ظل أيام الصيف الحارة التي نشهدها حالياً، فثمة أمور بشأن ضربة الشمس علينا العلم بها، هم أعراض ضربة الشمس وسبل الوقاية منها وكيفية التعامل معها، وذلك بالطبع كي نتجب الإصابة بها والتعرض لمخاطرها.
أولاً : أعراض ضربة الشمس :
الخطورة الحقيقية التي تكمن في إصابة ضربة الشمس ،تتمثل في تطورها السريع، أي أن نادراً ما تكون هناك أعراض استباقية لها، إنما ظهور أعراضها هو دليل على إن الإصابة بها قد وقعت، وتختلف شدة أعراض ضربة الشمس باختلاف شدة الإصابة، ولكن تلك الأعراض في مُجملها تتمثل في الآتي:
أ) اضطراب أو فقدان الوعي :
عند التعرض لـ ضربة الشمس فإن الوعي يضطرب، فيتفاوت العرض هنا ما بين الدخول في حالة من التيه وعدم التركيز، وبين فقدان الوعي بصورة كاملة ومفاجئة، ويرجع ذلك إلى انخفاض مستوى ضغط الدم الانقباضي، إذ يهبط فجأة إلى أقل من 100 ملم زئبقي.
ب) التقلص العضلي :
هذا العرض يأتي مصاحباً لـ ضربة الشمس الشديدة، حيث تنخفض مستويات السوائل والأملاح بالجسم، فتنتج عنها إصابة المريض بتقلص عضلي مفاجئ، تزداد شدة الألم الناجم عنه بشكل تدريجي، حتى إن بعض الحالات لا تحتمل مجرد اللمس.
جـ) ارتفاع درجة الحرارة :
من الأعراض المباشرة الدالة على ضربة الشمس ،هو ارتفاع درجة حرارة المصاب بشكل ملحوظ، في أغلب الحالات تتعدى درجة الحرارة 38 درجة مئوية، وتكون مصحوبة غالباً بارتفاع مفاجئ بمعدلات النبض.
د) آلام عامة :
مصاب ضربة الشمس يشعر بآلام عامة ومتفرقة، تكون متفاوتة الشدة، وتأتي في الغالب على هئة وخذ شديد بمناحي متفرقة، ويعتبر ذلك العرض إحدى الدلائل القوية على إصابة ضربة الشمس
ثانياً : التعامل مع ضربة الشمس :
أول ما يجب ذكره قبل الخوض بذلك الحديث، هو إن كافة الخطوات والإجراءات التي سيلي ذكرها، لا يمكن الاعتداد بها وحدها كطريقة للعلاج، إنما هي تعد فقط بمثابة إسعافات أولية لـ ضربة الشمس ،تجرى فقط بهدف التخفيف من حِدة الإصابة بـ ضربة الشمس ،لحين توفير الرعاية الطبية المتخصصة، وتلك الإجراءات الأولية تتمثل في التالي:
- نقل المصاب بـ ضربة الشمس إلى محيط بارد أو معتدل الحرارة.
- خلع ملابس المصاب بـ ضربة الشمس ،مع تعريض الجسم لمصدر جيد للهواء.
- ترطيب الجلد باستخدام الماء المعتدل البرودة، مع تجنب استخدام الثلج أو كمادات الكحول.
- إذا كان مصاب ضربة الشمس واعياً بقدر كافي، يفضل مناولته قدر مناسب من السوائل، على ألا تكون من مشروبات الكافيين أو المياه العازية.
ثالثاً : الحماية من ضربة الشمس :
قال من سبقونا وقد صدقوا في قولهم، بإن الوقاية هي دائماً الأفضل وخير من العلاج، وإن كانت معرفتنا بأعراض ضربة الشمس أمر مهم، وكذلك الأساليب التي يمكن بواسطتها التعامل معها، فإن الأهم من هذا وذاك هو معرفتنا بطرق الوقاية، وكيف نحتمي من ضربة الشمس ونتقي التعرض لها، وقد وضع العلماء قائمة من النصائح، والتي يمكن تحقيق غايتنا المنشودة من خلال اتباعها:
أ) الإقلال من التعرض للشمس :
الأفضل بالطبع هو الامتناع عن التعرض إلى الشمس، خاصة في الأيام التي ترتفع بها درجات الحرارة بشكل ملحوظ، لكن تلك النصيحة لن يمكن للجميع الآخذ بها، فكثيراً ما تكون لدينا التزامات نهارية تفرض علينا مغادرة المنازل، ولكن للوقاية من ضربة الشمس وتوابعها، ينصح الأطباء بالإقلال من ذلك بقدر المستطاع، وإن لا مفر من الخروج إلى الساحات خلال ساعات النهار، فعلى الأقل على الإنسان تجنب ساعة الذروة، وهي الفترة التي تمتد بين الظهيرة وحتى ما بعد العصر
ب) انتقي نوع ولون ملابسك :
كما إن فصل الشتاء له نمط معين من الملابس، فإن فصل الصيف أيضاً يجب التعامل معه بذات الطريقة، خاصة إن الأضرار الناجمة عن الحرارة المرتفعة، قد تكون أشد خطورة من تلك المترتبة على البرودة، ومن بين تلك المخاطر هو التعرض لـ ضربة الشمس ..لهذا ينصح الأطباء بارتداء الملابس فاتحة اللون، كونها تعكس أشعة الشمس الحارة ولا تمتصها، بعكس ما تحدثه الداكن والقاتم من الألوان، كذلك خامة الملابس تلعب دور هام في تجنب ضربة الشمس ،ويُنصح بارتداء الملابس القطنية وتجنب خامات الحرير والبوليستر، فهي ترفع حرارة الجسم وتفقده سوائله فتصيبه بالجفاف.
ج) حماية الرأس :
هذا العامل من أهم عوامل وطرق الحماية من ضربة الشمس ،فخلال الأيام ذات درجات الحرارة المرتفعة، يجب تجنب تعريض الرأس لأشعة الشمس مباشرة، ويمكن فعل ذلك من خلال استخدام العديد من الوسائل البسيطة، كأن يتم تظليل الرأس بواسطة شمسية، أو أن ارتداء القبعات المخصصة لهذا الغرض “كاب”، مع ضرورة الالتزام بانتقاء الألوان الفاتحة للشمسيات أو القبعات المستخدمة، أما بالنسبة للنساء المحجبات، فينصحن بانتقاء غطاءات الرأس بذات معايير انتقاء الملابس، أي استعمال الحجاب ذو اللون الفاتح وتجنب الخامات الحريرية.
د) فترات الراحة :
هؤلاء الذين يبدأون نشاطهم اليومي في ساعات مبكرة، عليهم تخصيص مجموعة أوقات متقطعة للراحة، فاستمرار مزاولتهم للأنشطة طوال فترة النهار، أو تعرضهم لعِدة ساعات متتالية إلى الأشعة الحارة، يزيد من احتمالات تعرضهم لـ ضربة الشمس للحد الأقصى، لهذا يجب منح الجسم قسطاً من الراحة كل فترة، يفضل أن يتم خلاله تناول مشروباً مثلجاً، كي تتم إعادة ترطيب الجسم وإمداده بالسؤال التي أهدرها.
هـ) تجنب التمرينات الرياضية :
دائماً ما اقترن ذكر التمارين الرياضية بالفوائد الصحية، لكن في موضوعنا اليوم المتناول لـ ضربة الشمس ،فإن ذكره سيرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمخاطر، فممارسة التمارين الرياضية يزيد من احتمالات الإصابة بـ ضربة الشمس ،خاصة إن كان تتم مزاولة تلك الأنشطة البدنية بأماكن مفتوحة، لهذا يُفضل قصر ممارسة الرياضة على فترة الليل، وذلك كإجراء وقائي من التعرض لـ ضربة الشمس القوية
و) إقلال المجهود البدني :
حين نتحدث عن علاقة ضربة الشمس بالمجهود، فالمقصود هنا ليس المجهود البدني العنيف فقط، كممارسة رياضات عنيفة مثل كمال الأجسام، أو رياضات تستنزف السوائل والسعرات الحرارية، مثل الركض أو ركوب الدراجات، بل إن الأطباء يؤكدون على إن الحد الأدنى من المجهود، قد يقود الإنسان إلى التعرض لـ ضربة الشمس ،لذا ينصح بتجنبه قدر الإمكان والإقلال منه لأدنى حد، فالخطر الذي يسببه المشي أسفل أشعة الشمس لمسافات طويلة، لا يقل بنسبة كبيرة عن الخطر الذي تشكله ممارسة الرياضة بالأيام الحارة.
هـ) الإكثار من السوائل :
الإجراء الوقائي الأخير والأسهل، يتمثل في الانتظام في تناول السؤال بأي كميات خلال الأيام الحارة، وذلك للحفاظ على درجة حرارة الجسم الداخلية معتدلة، ولتعويض الجسم بما يفقده من سوائل نتيجة إفراز العرق.. وذلك الإجراء رغم أنه يتسم بالبساطة واليُسر، إلا أن الأطباء قد أجمعوا على فاعليته وقوة تأثيره، وإن الالتزام والانتظام في القيام به، يخفض بنسبة كبيرة احتمال التعرضة لـ ضربة الشمس