النظام الغذائي حين يكون معداً لأجل كبار السن، فهو يختلف كثيراً عن ذلك الذي ينصح به الشباب أو الأطفال، وذلك لأن كل مرحلة عمرية تكون لها احتياجات مختلفة من العناصر الغذائية، و النظام الغذائي هو العامل الأساسي الذي يساهم في تحسين الصحة العامة، وكذا هو المسئول عن الحفاظ عليها، والعكس صحيح، فإن أخطر العوامل التي تقود إلى تدهور الحالة الصحية، والتعرض إلى المشكلات الصحية على اختلافها، هو إهمال النظام الغذائي أو أن يكون غير متوازن وغير صحي.. والسؤال هنا هل تحقيق الشباب الدائم أمر مستحيل؟، كان السابقون يقولون إن دوام الحال هو عين المحال، هذا لإنهم لم يشهدوا نتائج الدراسات البحثية الحديثة، والتي أثبتت أن الحال قد يدوم، وإن الشباب من الممكن ألا يزول، إذا اتبع كبير السن النظام الغذائي السليم، الذي يمده بمختلف العناصر التي يحتاج إليها بتلك المرحلة العمرية.
النظام الغذائي والعادات الصحية اللازمة لكبار السن :
توفير احتياجات كبار السن وتحديداً من هم تجاوزوا عمر الخمسين من العناصر الغذائية، التي تساهم بشكل فعال في الحفاظ على استقرار حالتهم الصحية، المصدر الرئيسي والطبيعي له هو النظام الغذائي المتبع، وهذا أفضل من الاتجاه إلى الأدوية أو المكملات الغذائية، وتحقيق ذلك ليس بالأمر المستحيل أو الصعب حتى، بل هو أمر يسير لا يتطلب سوى اتباع مجموعة نصائح يقدمها خبراء التغذية، وهي تتمثل في الآتي :
1- الألبان أولاً :
كثيراً ما نعاني مع الأطفال حتى ينهون تناول كوب اللبن، لكن بالحديث إلى كبار السن، فأننا نفترض إنهم على قدر كافي من الوعي، الذي يمكنهم من إدارك فوائد اللبالصحية ومدى أهميته، ولهذا فلابد من تضمينه إلى النظام الغذائي المتبع خلال فترة ما بعد الستين، والأمر هنا ليس اختيارياً ولا يخضع لمقاييس الأطعمة المفضلة، فتضمين النظام الغذائي لكوب من الحليب يومياً هو أمر حتمي، فنحن نرى دوماً إن الشكوى الأكثر شيوعاً بوسط كبار السن، تكون متعلقة بآلام العظام بانحاء متفرقة من الجسم، بجانب أن الإنسان خلال هذه المرحلة العمرية، يكون أكثر عرضة لأمراض مثل هشاشة العظام أو خشونة المفاصل وغيرها، وتلك الأمراض العظمية جميعها يكون مسببها الأول هو نقص الكالسيوم، ولهذا فإن الحل الأمثل هو الحصول على قدر كافي من هذا العنصر، يوفر الحماية بالنسبة للأصحاء وييسر من مهمة علاج المصابون بالفعل، ويعد اللبن ومشتقاته هو أفضل مصدر من مصادر الكالسيوم.
2- الخضروات فرض يومي :
من الأمور الواجب أخذها في الحسبان عند وضع النظام الغذائي لكبار السن، هو جعله يحتوي على قدر كافي من الخضروات، وذلك لإنها تمتاز بإنها تحتوي على نسب هائلة من مختلف العناصر الغذائية، فالأملاح والمعادن والفيتامينات على مختلف أنواعها، جميعها مواد تتوفر بالخضروات وخاصة الطازجة، لذا يجب أن يكون النظام الغذائي اليومي متوفر به وجبة رئيسية واحدة على الأقل، تشكل الخضروات الطبق الرئيسي بها.. كذلك ينصح خبراء التغذية بضرورة ألا يكون الاعتماد بالكامل على الخضروات المطهية، إذ أن أغلب أنواع الخضروات تفقد جزء كبير من قيمتها الغذائية أثناء عملية الطهي، ولهذا يفضل تضمين النظام الغذائي بعض الخضروات الطازجة النيئة، وذلك يمكن تحقيقه بتجنب كافة أنواع فواتح الشهية المختلفة، وتحقيق هذا الغرض عن طريق جعل طبق السلاطة الخضراء شريكاً رئيسياً لمختلف الوجبات.
3- البروتين ثم البروتين :
هل تتعجب حين تشاهد رجل أو امرأة فوق الستين، ولا يزال بمقدوره القيام بممارسة التمارين الرياضية، أو قيادة الدرجات أو ممارسة رياضة المشي، بينما القسم الآخر من كبار السن لا يقدر على حمل أخف الأشياء، سنكشف لك السر الآن وما يفرق بين كلا الحالتين، إنه عنصر البروتين.. وكبير السن الذي يود أن ينتمي إلى اعضاء النوع الأول، فكل ما عليه هو أن يحرص على تضمينه إلى النظام الغذائي ،فإن سلامة العضلات وقوة أنسجتها تعتمد بشكل كبير على هذا العنصر، ولعلك لاحظت إن خبراء التغذية ينصحون بتناوله لمن يمارسون كمال الأجسام، ويسعون سعياً حثيثاً إلى تضخيم العضلات وتكوينها، فإن كان بهذه الأهمية بالنسبة إلى النظام الغذائي المخصص للشباب، فما بالك بحاجة كبار السن إليه؟.. وينصح الأطباء بالحصول على البروتين من مصدريه، سواء المصدر الحيواني أو النباتي، وعدم الاكتفاء بتناول الحليب كغذاء غني بنسبة من البروتين، إنما الأفضل تضمين النظام الغذائي وجبات من اللحوم الحمراء، وتناول الفول على فترات متقاربة، فكلا الوجبتين كافيتان لإمداد كبير السن بحصة البروتين اللازمة له، وكذلك البيض والأسماك من الأطعمة الغنية بالبروتين، فاحرص على إدخالهما أيضاً إلى النظام الغذائي المتبع.
4- النشويات للهضم الجيد :
مع تقدم العمر تكثر الكشوى التعرض للاضطرابات الهضمية، وبالتأكيد إن النظام الغذائي هو المؤثر الأول بآلية عمل النظام الهضمي، سواء بشكل سلبي أو إيجابي، ولعل أكثر حالات اضطراب عملية الهضم شيوعاً لدى كبار السن، هي التعرض إلى الإمساك الشديد أو المزمن، والعقاقير والأدوية الملينة رغم فاعليتها إلا أنها لا تخلو من مجموعة آثار جانبية محتملة، ولهذا فالتعامل معها بواسطة النظام الغذائي هو الحل الأمثل والأكثر أمناً، والوسيلة الأسهل لتحقيق هذه الغاية هي تضمين النظام الغذائي قدر مناسب من المواد النشوية، استبدال خبز الدقيق بخبز القمح سيفي بالغرض، كذلك يمكن الحصول على النشويات عن طريق تناول المعكرونة والأرز، ولكن يفضل عدم الإفراط في كلا هذين الصنفين، أيضاً البطاطس بطرق إعدادها المختلفة تعد مصدر هام للمواد النشوية، لذلك على من تعدوا سن الستين، أن يحرصوا على تضمينها إلى النظام الغذائي الأسبوعي الخاص بهم.
5- إجتناب الملح وإقلال التوابل :
الصوديوم أو ملح الطعام والتوابل على مختلف أنواعها، وعلى وجه الخصوص الانواع الحارة منها، جميعها مواد لا مفر من استخدامها عند إعداد الطعام، فهي ما يمنحه الرائحة الطيبة والمذاق الشهي، ولكن عند إعداد النظام الغذائي الخاص بكبار السن، يجب الحرص على الإقلال من قدرهم لأقل درجة ممكنة، وذلك لأن الملح والذي نتناوله بكثرة للآسف، يشكل خطورة بالغة على الحالة الصحية للإنسان، فهو من العوامل الرئيسية التي تقود إلى ارتفاع ضغط الدم، وهو حالة مرضية من الممكن أن تترتب عليها الكثير من المضاعفات، التي قد تصل إلى حد الإضرار بصحة القلب والشرايين.. أما التوابل فهي ليست فقط تمنح الطعام رائحة طيبة ومذاق جيد، بل إن الدراسات العلمية أثبتت إن لها العديد من الفوائد، ولكن هذا بشرط أن يتم توافرها بكميات معتدلة ومناسبة، أما كثرة التوابل بـ النظام الغذائي قد يقود لنتائج عكسية، فهي مواد ملتهبة تؤثر كثرتها قد تضر بالغشاءات المعوية الرقيقة، فتزيد من احتمالات التعرض لمشكلات الصحية مثل حرقة المعدة أو قرحة المعدة وغيرها..
النظام الغذائي لأصحاب الأمراض المزمنة :
تجدر بنا الإشارة إلى أن كل ما سبق ذكره عن النظام الغذائي للمتقدمين بالعمر، هي نصائح عامة توافق عليها مختلف خبراء التغذية، وتوافق عليها الأطباء وأكدوا على أهميتها بالنسبة لكبار السن، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل بالنسبة لمن يعانوا من أمراض مزمنة، فأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم من النمط المزمن أو داء السكري بنوعيه، هي أمراض النظام الغذائي المتبع معها، لابد أن يكون بمعرفة الطبيب المتابع للحالة وتحت إشرافه، وذلك لأن النظام الغذائي يؤثر بذلك النمط من الأمراض سلباً وإيجاباً.