داء لايم هو واحد من أخطر الأمراض المعروفة حتى يومنا هذا، والخطورة الحقيقية لذلك الداء لا تتمثل فقط في وقوع الإصابة، بل تكمن فيما يحتمل أن ينتج عنه من مضاعفات، حيث أن داء لايم قد يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وأيضاً يمكن أن يؤدي إلى مشاكل بالإبصار أو يضر بصحة القلب.. داء لايم ينتشر بنسبة أكبر في النصف العلوي للكرة الأرضية، أي قارتي أوروبا وأمريكا وبعد البلدان الآسيوية.
داء لايم .. الأسباب والتشخيص والعلاج :
من بين العدوات البكتيرية جميعها تعتبر تلك هي الأخطر، فـ داء لايم له آثار صحية أقل ما توصف به بأنها كارثية، ما هي تلك المخاطر وكيف تحدث الإصابة بالأساس؟ والسؤال الأهم من علاج لـ داء دايم وهل من طريقة للوقاية منه؟
أولاً : الإصابة بـ داء لايم :
تمكن العلماء من تحديد طريقة واحدة لحدوث الإصابة بـ داء لايم ،والعديد من الأبحاث تؤكد على أن تلك هي الطريقة الوحدة، وأنه من غير المرجح أن تكون هناك وسائل أخرى للإصابة، وتلك الطريقة تتمثل في التعرض للدغ القراد، إذ أن بعض أنواع القراد تكون ناقلة لنوع من البكتيريا الضارة، والتي تحدث الإصابة بـ داء لايم نتيجة اختلاطها بدم الإنسان، حيث أنها تتسبب في انتقال ميكروب السبايروكيت إليه.
ثانياً : البكتيريا المسببة لـ داء لايم :
البكتيريا التي يتم نقلها إلى الإنسان من خلال لدغ القراد، وينتج عنها تعرضه لخطر داء لايم ،ليست نوع واحد فحسب بل هي ثلاثة أنواع، وإن كانت جميعها تحمل ذات الاسم الأول وهو بكتيريا البوريليا، وتلك الأنواع هي :
- بكتريا بوريليا برعدورقيرية : وذلك النوع هو المسئول عن 90% من حالات داء لايم بالأمريكتين.
- بكتيريا بوريليا جاريني وبوريليا أفزيلي : وهذين النوعين من البكتيريا هما الشائعين بقارة أوروبا.
ثالثاً : الأعراض المصاحبة لـ داء لايم :
كل مرض له مجموعة من الأعراض الدالة عليه، وفيما يخص داء لايم فأن العلماء قد حددوا دلالاته، ويصبح من المحتمل تعرض الإنسان لـ داء لايم ،إذا تعرض لواحد أو أكثر من الأعراض التالي ذكرها :
- الطفح الجلدي : أول الأعراض التي تنجم عن داء لايم ،ويعد هو أقوى مؤشر أولي والأقوى دلالة، فبعد تعرض الإنسان إلى لدغة القراد، تبدأ البكتيريا في النمو مُخلفة بُقع حمراء على سطح الجلد، شكلها مميز فهي عبارة عن دائرة مُفرغة تتركز حُمرتها بأطرافها، وهي تعرف طبياً بمصطلح “عين الثور”.
- الضعف العام : من أوائل التأثيرات التي تنتج عن الإصابة بـ داء لايم ،هو شعور الإنسان بحالة من الفتور والضعف العام، وقد يصل الخمول به إلى حد الرغبة في قضاء أيام عدة بالفراش، ويعجز عن القيام بالأنشطة العملية أو اليومية المعتادة.
- آلام العضلات والمفاصل : حالة الخمول لا تتوقف عند حد الفتور فقط، بل أنها بعد فترة وجيزة تتفاقم تلك الحالة، فتتحول إلى آلام بمختلف عضلات الجسم والمناطق المفصلية.
- صداع مزمن : الصداع وحده لا يعتبر مؤشراً على داء لايم ،إذ أن أنواع الصداع على اختلافها تأتي مترافقة مع العديد من الأمراض، لكن إن اقترن الصداع مع أحد الأعراض الأولية الأخرى، خاصة إن كان مستمراً وشديد الألم، فذلك يزيد من احتمالات الإصابة بـ داء لايم
- العقدة اللمفاوية : من أقوى الآمارات الأولية الدالة على الإصابة بـ داء لايم ،هو حدوث انتفاخ أو تضخم ملحوظ بالعقد اللمفاوية، والتي تتواجد بجانبي العنقد أسفل شحمتي الأذن.
- أعراض الأنفلونزا : ذلك التعبير يشير به إلى العلماء إلى حزمة من الأعراض، سميت بأعراض الأنفلونزا لشدة شبهها بتلك التي ترافق الأنفلونزا أو نزلات البرد، متمثلة في جفاف الحلق والرشح ونوبات السعال وما إلى ذلك.
رابعاً : مضاعفات داء لايم :
تنقضي المرحلة الأولى من المرض بعد شهر واحد من الإصابة، وبانقضائه يختفي العرض الظاهري لـ داء لايم ،والذي يتمثل في الطفح الجلدي المائل إلى الإحمرار، وبذلك يكون قد انتقل المصاب إلى المرحلة الثانية من المرض، أو كما يُعرفها العلماء بمرحلة الخطر التي يتعرض خلالها لعِدة مضاعفات، منها :
- اضطرابات النوم : يعد الأرق هو أخف مضاعفات داء لايم ،لكن في ذات الوقت لا يجب الاستهانة به أو بأثره، فأن ذلك ينتج عنده ضعف التركيز بجانب انعكاسه على الصحة النفسية والجسمانية.
- الجهاز العصبي : عند تفاقم حالة المريض المصاب بـ داء لايم ،يبدأ الأمر بإصابته بشعور دائم بحالة من الخدر وارتخاء الأعصاب، ثم تتدهو الحالة وتزداد سوءاً فيتضرر الجهاز العصبي نتيجة ذلك، ويُصاب بتلف ببعض الأعصاب.
- شلل الوجه : نتيجة للاختلات التي تصيب الجهاز العصبي وتلف الأعصاب، فبعض الحالات المصابة بـ داء لايم ،تعرضت في إحدى مراحل المرض للإصابة بشلل عضلات الوجه.
- الوظائف العقلية : من أشد المضاعفات المحتملة لـ داء لايم خطورة، هو تأثيره السلبي البالغ على الوظائف الإدراكية والقدرات العقلية، وأكثر تلك الاختلالات شيوعاً هي الإصابة بضعف الذاكرة.
- ضعف البصر : في بعض الحالات المسجلة للإصابة بـ داء لايم ،عانى المرضى من ضعف البصر وتشوش الرؤية، نتيجة تضرر العصب البصري جراء التعرض لهذا المرض.
خامساً : تشخيص داء لايم :
على خلاف ما هو متبع مع أغلب الأوبئة والأمراض، فأن التحليل المعملي يأتي في ذيل قائمة طرق تشخيص داء لايم ،فعادة تبدأ عملية التشخيص باستعراض الأعراض السريرية، والمتمثلة في الفحص الإكلينيكي والبحث عن موضع الطفح الجلدي المصاحب له، وفي المرحلة الثانية يسأل الطبيب المصاب عن آخر أماكن تواجد بها، للتعرف إن كانت من المناطق المعروفة بشيوع داء لايم بها، مثل اليابان وأمريكا واستراليا وبعد البلدان بجنوب ووسط أوروبا، وإذا كانت إجابته ترجح أن المريض تعرض للدغة القراد، فأنه يتم إجراء فحوصات معلمية لعينة دم، بغرض التأكد من تواجد الأجسام المضادة لميكروب السبايروكيت بها من عدمه.
سادساً : الوقاية من داء لايم :
للآسف لم يتمكن العلماء من تحديد وسائل وقاية من داء لايم ،لكن في المطلق قدموا بضعة نصائح، التي اتباعها يحد بنسبة كبير من احتمالات التعرض لذلك الداء الخطير، فعند التواجد في مناطق جبلية بغرض العمل أو التنزه، ينصح ارتداء الملابس الطويلة مكتملة الأكمام، أي تلك التي تغطي أكبر قدر من الجسم، وكذلك يفضل أن تكون تلك الملابس زاهية الألوان كي لا تجذب القراد، كذا يُنصح باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو مكافحة قراد اللبود، الخاصة بالأماكن التي يُعرف عنها أن داء لايم شائع بها، بجانب الحرص على نظافة الحيوانات الأليفة وخلوها من القراد والبراغيث.
سابعاً : علاج داء لايم :
الحقيقة أنه لا يمكن تحديد علاج معين لـ داء لايم ،إذ يختلف دائماً النظام العلاجي المتبع باختلاف شدة المرض، فليس كل شخاص تعرض للدغة قراد يجب أن يحصل على علاج دوائي، ففي بعض الأحيان يكفي مراقبة الملدوغ لمدة 3 أسابيع أو شهر، وإن تفاقم الأمر أو بدأت ظهور أعراض داء لايم عليه، تبدأ حينها رحلته العلاجية بما يتناسب مع شدة الأعراض، وفي الغالب يتمثل العلاج في تلقي جرعات من المضادات الحيوية، وفي أغلب الحالات تستمر فترة العلاج لفترة تتراوح بين 10 : 14 يوماً.
عادة خلال مراحل العلاج المختلف يستعين المعالج بمسكنات الألم، بغرض الحد من الآلام المبرحة التي ترافق دائماً داء لايم، أما في الحالات يضطر الطبيب إلى سحب السوائل من المفاصل، وذلك بغية تقليل الضغط الواقع عليها ومن ثم الحد من الألم.