رب ضارة نافعة.. هكذا تقول الحكمة، أما العلم فيقول رب نافعة ضارة.. الإسعافات الأولية قد تكون سبباً في إنقاذ حياة إنسان، لكنها في الوقت ذاته قد تكون سبباً في مضاعفة الضرر، وذلك نتيجة بعض المفاهيم المغلوطة الشائعة حولها، وسنورد هنا أكثر تلك المفاهيم رواجاً، مع ذكر التدابير الإسعافية الصحيحة الواجب اتخاذها في مثل هذه الحالات..
معلومات خاطئة حول الإسعافات الأولية
تخفيض الحرارة بالكحول :
عند إصابة شخص بارتفاع في درجة الحرارة، يحاول المحيطون به إسعافه بأسرع وسيلة ممكنة، تفادياً للمخاطر التي قد تنتج عن ارتفاع الحرارة لفترة طويلة، ويُشاع خطأ أن تدليك الجلد بواسطة الإسفنج أو القماش المُشرب بالكحول يُخفض درجة الحرارة، لكن الحقيقة الغائبة هي أن الجلد يمتص هذا الكحول، والنتيجة تكون الإصابة بالتسمم الكحولي، الذي يؤدي إلى اضطراب ضربات القلب وضيق التنفس، خاصة إذا اتبع ذلك الإجراء الخاطئ مع الأطفال.
الإجراء الصحيح هنا يتمثل في عمل كمادات باردة للمريض، وهذا مجرد أحد إجراءات الإسعافات الأولية ، ولا يغني عن ضرورة الاستشارة الطبية، خاصة في حالات الارتفاع الشديد للحرارة.
إرجاع رأس النازف :
من الإسعافات الأولية الخاطئة في حالات النزيف إرجاع الرأس للخلف، وهذا الأسلوب يتبع مع من يتعرضون لحالات نزيف من فتحتي الأنف، ويخال المُسعف أنه بذلك يساعد المصاب، لكن الحقيقة أن ذلك لا يساعد بأي شكل على إيقاف النزيف، وكل ما حدث هو أن تم تغيير مساره إلى داخل الجسم، ويقوم المصاب بابتلاعه دون إرادة منه فيتسبب له في العديد من الأضرار، أقلها شدة الشعور بالغثيان والتقيؤ.
وبالنسبة للإسعافات الأولية الصحيحة في هذه الحالة، فهي مساعدة المصاب على الجلوس منحنياً للأمام، مع الضغط بقوة على جانبي الأنف لحين توقف النزيف.
الزيت للحروق:
إصابات الحروق واحدة من أكثر الإصابات المنزلية شيوعاً، وتتحدد خطورة الإصابة وفقاً لدرجة الحرق والضرر الذي ألحقه، لكن أغلب الإصابات -بحمد الله- تكون من الدرجة الأولى، وهو ما يدفع البعض إلى الاكتفاء بإجراء الإسعافات الأولية دون استشارة طبيب، وقد يكون هذا كافياً بالفعل لكن بشرط أن يتم بطريقة صحيحة، فمن أخطر المعلومات الطبية المغلوطة شيوعاً، هو أن دهن موضع الحرق بمادة زيتية كزيت الطعام أو الزبدة، اعتقاداً بأن هذه المواد تلطف الإصابة وتقلل من شدة الألم، ولكن الحقيقة أن ذلك قد يُعرض المصاب إلى عدوى جرثومية، تتحول إلى مرض “الإنتان” أي التهاب مجرى الدم.
أما الإسعاف المفترض في هذه الحالة يكون بغمر الحرق بماء الصنبور، وتغطية موضع الإصابة بضمادة مُعقمة وجافة.
صفع فاقد الوعي :
من الإسعافات الأولية اللامنطقية صفع فاقد الوعي على وجهه، فبدون الخوض في الحديث عن أسباب الإغماء العديدة، يمكن إيجازها في قول أنه ينتج عن عدم وصول قدر كافي من الأوكسجين والجلوكوز إلى خلايا الدماغ، وصفع المريض على وجهه بالتأكيد لن يمده بأي منهما!.
والإجراء السليم في مثل هذه الحالة هو رفع قدمي المصاب فوق مستوى الرأس، وهذا لتسهيل عملية تدفق الدماء الناقل للأكسجين إلى المخ، وفي ذات الوقت تدليك المنطقة الواصلة بين الكتف والقفص الصدري.
الإسراف في المسكنات:
تناول المُسكنات يُعد في حد ذاته أحد الإسعافات الأولية ،لكن المُصاب هنا هو من يُجريها لنفسه، ومع شدة الألم والرغبة في الارتياح منه يسقط البعض في شرك الإسراف، اعتقاداً بأن مضاعفة الجرعة تُضاعف القدرة العلاجية للدواء، لكن الحقيقة أن بعض المُسكنات تفقد هذه القدرة عند زيادة الجرعة.. الأمر نفسه يتحقق من ازدواجية المُسكن، أي تناول نوعين مختلفين من المُسكنات دون استشارة طبيب، وقد تكون ذات المادة الفعّالة مستخدمة في تركيب كلاهما، فيكون ذلك سبباً غير مباشر لزيادة الجرعة وبالتالي إضعاف تأثيرها.. والأخطر من ذلك أن الجرعة الزائدة قد لا تُعجِل بالشفاء، لكنها مؤكداً ستُعجل بالآثار الجانبية للدواء وتضاعفها، وقد تتسبب زيادة الجرعة عن الحد المسموح في وفاة المريض.