الإبر الصينية من الوسائل العلاجية التي عرفت منذ العصور القديمة، وكانت البداية من بلاد الصين إذ يعتبر الوخذ بالإبر إحدى طرق علاجهم التقليدي، فوفقاً لفلسفتهم كانوا يعتقدون أن الوخذ بالإبر له تاثير على قوة الحياة الكامنة بداخل الإنسان، وأن غرز الإبر يعدل من مسارات الطاقة التي تدور في مسارات محددة داخل الجسد، ومن ثم فأن هذا الوخذ يدفع الأجسام إلى العلاج ذاتياً من مختلف الأمراض.. لفترة اعتقد البعض أن هذا الأمر ما هو إلا محض خرافات، لكن مع التطور العلمي تم إثبات صحة ما عرفه الصينيون قبل آلاف السنين، واليوم بات هناك مراكز متخصصة في العلاج بـ الإبر الصينية في أكثر الدول تحضراً.
الإبر الصينية .. كيف تعمل ؟
الأمر ببساطة بُني على ملاحظة أطباء الصين القدامى لمواطن الألم المصاحبة لكل مرض، أما الملاحظة الثانية فهي أن تدليك أو تسخين نقاط الألم هذه تهدئ من شدة الأعراض، ومن هنا بدأ البحث الذي انتهى بابتكار آلية الوخذ بالإبر أو الإبر الصينية ،والتي تعتمد في عملها على تحفيز الجسم لإفراز مادة الأندروفين المُسكنة للألم، بجانب أنها تعمل على تحرير الطاقة الحيوية الكامنة بداخل الجسم، وذلك من خلال وخذ نقاط محددة بدقة بمختلف أجزاء الجسم، والنتيجة النهائية للعلاج بواسطة الإبر الصينية تعتمد على عِدة عوامل، منها طول الإبرة وزاوية ميلها عند غرسها بالجسم، وكذلك تختلف أطوال الإبر الصينية وفقاً لنوع المرض وشدته.
الإبر الصينية والألم :
فكرة غرس إبرة أو مجموعة من الإبر في مواضع متفرقة بالجسم، قد لا تبدو فكرة جيدة بالنسبة لكثير من الناس، ومجرد تصور الأمر يبعث في النفس إحساس بالألم، لكن الحقيقة على النقيض من ذلك ووفقاً لما يؤكده الخبراء فأن الإبر الصينية ليست مؤلمة، وأقصى ما يمكن أن يشعر به المريض هو وخذ بسيط كالذي يشعر به عند وخذ الحقن، وشدة وخذ الإبر الصينية يتوقف على مدى مهارة المعالج، لكن في كل الأحوال الشعور الوحيد الذي يدوم معها هو شعور جم بالراحة والاسترخاء.
آثار الإبر الصينية الجانبية :
في الوقت الحالي لا توجد آثار جانبية مسجلة لاستخدام الإبر الصنينة ،في الماضي كانت هذه الإبرة وسيلة ناقلة لمختلف أنواع الأمراض والعدوى، أما مع التطور واستخدام الإبر التي لا تستغل إلا لمرة واحدة اختلف الأمر، ولم تعد الإبر الصينية تشكل أدنى خطورة على مستخدميها.. أما الخطر الحقيقي المحتمل للإبر الصينية هو أن يصيب الوخذ عضو داخلي بالجسم، وذلك يحدث إذا تم غرز الإبر بعمق أكثر من المفترض، خاصة إذا كانت نقطة الوخذ بموضع حساس كالرئتين أو المرارة أو الجمجمة وغيرها، والسبيل الوحيد لتلافي ذلك الخطر هو اختيار معالج متمرس وذو خبرة في استخدام الإبر الصينية
الإبر الصينية والأطفال :
وفقاً لما يؤكده الخبراء فأن الإبر الصينية فعالة وآمنة تماماً بالنسبة للأطفال، وقد سُجلت بعض حالات لأطفال مرضى استخدمت الإبر الصينية معهم، إما بغرض علاج المرض أو الحد من آلامه وأعراضه، وحتى الآن فأن الحالة الوحيدة التي لا يمكن معها استخدام الوخذ مع الأطفال، هي أن يكون الطفل مصاب بمرض فرط الحركة والتشتت الذهني.
الإبر الصينية الحديثة :
في السنوات الأخيرة شهد المجال الطبي تطوراً عظيماً على كافة الأصعدة، وحظيت الإبر الصينية بنصيب من هذا التطور التقني، فتم تعزيزها بتقنية الكي حيث يتم رفع درجة حرارة رؤوس الإبر مما يزيد من فاعليتها العلاجية، وكذلك تم ابتكار ما يُعرف بـ الإبر الصينية الكهربية، حيث يتم إيصال شحنات كهربية بسيطة بالإبر المغروزة بالجسم لرفع كفاءتها، وأحدث الابتكارات بهذا المكان هي الإبر الصينية الليزرية، والتي تؤدي نفس دور الإبر التقليدية وتحقق ذات النتائج، إلا أنه لا يتم وخذ الجسم بها بل تُسلط عليه من على بُعد وتوكل مهمة العلاج لأشعة الليزر.
أمثلة على ما تعالجه الإبر الصينية :
مع توالي الدراسات وتكرار التجارب تمكن العلماء من تحديد الأمراض التي تساهم الإبر الصينية في علاجها بفاعلية، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن أن تفيد هذه الإبر في علاج :
التهاب المفاصل :
أثبتت الإبر الصينية فاعلية فائقة في علاج التهابات المفاصل والحد من الألم المصاحب لها، ولكن يحذر الأطباء من أنها في هذه الحالة ليست إلا عامل مساعد لا يغني عن العلاجات الاعتيادية.
تسكين الألم :
أيا كان مسبب الألم الذي يعاني منه الإنسان فـ الإبر الصينية قادرة على تسكينه، هذا ما أثبتته نتائج الدراسات التي تناولت الإبر الصينية ،ووجدت أنها تسكن آلام العضلات والمفاصل وكذلك الآلام التي تصاحب الدورة الشهرية للنساء.. أما بالنسبة للآلام المزمنة فلا يمكن الاعتماد عليها منفردة في التخلص منه، إنما يمكن اعتبارها عامل مساعد قوي بجانب المسكانات العادية وجلسات المساج.
علاج الغثيان :
الإبر الصينية فعالة تماماً في علاج الشعور بالغثيان والقيء المتكرر، وذلك من خلال وخذ نقاط محددة بمحيط الرسغ بـ الإبر الصينية ،ويشمل تأثير هذه الإبر أيضاً الغثيان الناتج عن العلاج الكيميائي لمرض السرطان.
خصوبة النساء :
لا يوجد حتى اليوم دليل قاطع على أن الإبر الصينية فعالة في زيادة الخصوبة، لكن الأمر المؤكد هو أن من استخدموها بجانب العلاجات التقليدية حققوا نتائج جيدة.
خصوبة الرجال :
النتائج الأولية لبعض الدراسات تشير إلى أن الإبر الصينية قد تزيد من خصوبة الرجل، ولكن هذا يقتصر على الحالات التي تكون العلة بها متعلقة بضعف الحيوانات المنوية.
الصداع :
الإبر الصينية لها مفعول سحري في علاج أكثر من نوع من أنواع الصداع، من بينها الصداع النصفي وكذا الصداع المزمن الناتج عن الضغط العصبي والتوتر المفرط، ووفقاً للأبحاث التي أجريت في هذا الصدد فإن الإبر الصينية تتفوق على علاج الصداع التقليدي.
آلام الظهر :
من الأمور التي حققت بها الإبر الصينية نتائج تفوق ما يمكن تصوره، هو مساهمتها في علاج آلام العمود الفقري ومنطقة أسفل الظهر، بل أن بعض الدراسات تشير إلى أن الوخذ بالإبر عالج الحالات التي فشلت في علاجها الطرق التقليدية الأخرى.
أمراض الأنف :
أثبتت الإبر الصينية قدرتها الفائقة على علاج أمراض الأنف، وبالأخص حالات الإصابة بمرض التهاب الجيوب الأنفية.
التشنجات العضلية :
بعض الدراسات التي جرت مؤخراً حول العلاج بواسطة الإبر الصينية ،وجدت أنها تساهم بفاعلية في علاج تشنج العضلات اللاإرادي.
السرطان :
الإبر الصينية منفردة لا تعد علاجاً شافياً للأمراض السرطانية، لكنها تعد أحد العوامل المساعدة في الحد من الآلام والأعراض المصاحبة له، علاوة على أنها تساهم في زيادة فاعلية العلاج الكيميائي للسرطان.
أمراض لا تعالجها الإبر الصينية :
رغم كل ما ذكر عما يمكن أن تعالجه الإبر الصينية من أمراض، وهو بعض من كل فتقنية الوخذ بالإبر هذه تعالج أكثر من 30 مرض، إلا أن هناك مجموعات من الأمراض الأخرى التي لا يمكن معالجتها بـ الإبر الصينية ،مثال على ذلك الأمراض التي ترتبط بفشل أحد أعضاء الجسم، مثل أمراض الكلى وتليف الكبد وكذلك حالات هبوط القلب، أما المجموعة الأخرى فتتمثل في الأمراض التي تنتج عن اختلالات غدد الجسم، بجانب الأمراض النفسية المعقدة مثل الفصام والأمراض التي تتطلب تدخلاً جراحياً.
محاذير استخدام الإبر الصينية :
رغم أن الإبر الصينية أثبتت فاعليتها العلاجية للكثير من الأمراض، ورغم أنها آمنة ولا تصدر عن استخدامها أية آثار جانبية، إلا أن كل قاعدة لابد من أن يكون لها استثناء، وقد حدد العلماء مجموعة الحالات التي يحظر معها الاستعانة بهذه الوسيلة العلاجية وهي :
- سيولة الدم : مرضى سيولة الدم يحظر عليهم العلاج بواسطة الإبر الصينية ،حيث أن عملية الوخذ تزيد من احتمالات تعرضهم للنزيف.
- الحمل : بعض النساء أثناء الحمل لا يفضل أن يخضعن لجلسات علاج الإبر الصينية ،وقبل الإقدام على شيء من هذا لابد من استشارة الطبيب المتابع لمراحل الحمل.
- ضربات القلب : الإبر الصينية تشكل خطورة على من يستعينون بأجهزة تنظيم ضربات القلب.