الوسواس القهري هو أحد الأمراض النفسية المدمرة للحياة، فهذا الداء وإن كان لا يشكل خطراً مباشراً على الصحة الجسمانية، فإنه يعوق حياة المريض بشكل كبير، ويصيبه بحالة شبه هستيرية نتيجة عدم قدرته على إيقاف الأفكار الملحة التي تنتابه.. فما المقصود بمرض الوسواس القهري وما أسبابه؟، وكيف تكون أعراضه؟، وهل هناك علاج منه؟
ما معنى الوسواس القهري ؟
النفس البشرية تجنح مرات للشعور بالتفاؤل ومرات أخرى يكون التشاؤم هو المسيطر، وأحياناً يكون المتحكم في هذا الشعور نظرة الشخص لشيء ما، كمن يتفائل رؤية شخص يحبه أو من يتشائم من القطط السوداء والبومة، كل هذه أمور وإن كانت خاطئة إلا أنها لا تهدد الصحة ولا تشكل مرضاً، لكن حين يزداد معدل انشغال الشخص بأمر معين، وتسيطر فكرة واحدة دون غيرها على عقله، وتنفلت عن سيطرته وتؤرق نومه ولا يمكنه الخلاص منها، فحينها يمكن تسمية تلك الحالة باسم الوسواس القهري
أسباب الوسواس القهري :
حتى اليوم لا يوجد سبب محدد للإصابة بمرض الوسواس القهري ،لكن الأبحاث التي تناولته ترجح أنه ينتج عن خلل عقلي طفيف، يتمثل في إعاقة الاتصال بين جزء المخ الأمامي المسئول عن الشعور بالخطر، وبين العقد العصبية المتحكمة في القدرة على بدء وإيقاف الأفكار، كما يُعتقد بأن نقص معدلات الناقص العصبي “سيروتنين” أحد مُسببات الوسواس القهري .
أعراض الوسواس القهري :
الوسواس القهري هو المبالغة في التفكير والانشغال بأمر محدد، وعادة ما يكون مبعث تلك الأفكار هو الشعور بالرهبة، وتنقسم أعراض الإصابة بـ الوسواس القهري إلى شقين، الثاني منهما يترتب على حدوث الأول، فالعرض الأول لـ الوسواس القهري يتمثل في الشكوك والرهبة وكثرة التفكير، أما العرض الثاني فيظهر حين تنعكس هذه الأفكار على سلوك الشخص.
أولاً : عَرَض الوساوس الفكرية :
الوسواس القهري الفكري هو الصور الذهنية المتكررة، الخارجة عن إرادة العقل والمستبدة به، تسبب الإزعاج لصاحبها المعترف بإنها خرافة، وفي ذات الوقت لا يكون قادراً على التخلص منها، والأمثلة على ذلك متعددة:
- الخوف المبالغ فيه تجاه الدنس والأوساخ، أو الرهبة من الإصابة بالأمراض.
- الهوس بترتيب الأشياء وأوضاعها المتناسقة، وهو سلوك مغاير لسلوك الشخصية المنظمة، فالأمر هنا هوس حقيقي يسبب انزعاج شديد للشخص إذا وجد شيء متزحزح قليلاً.
- شك الشخص في الأقوال والأفعال الصادرة عنه، فيجد نفس السؤال يتكرر دائماً في ذهنه، هل أغلقت باب المنزل قبل مغادرتي؟، هل تركت الموقد مشتعلاً؟… الخ..
- الإيمان الشديد ببعض المعتقدات الخيالية كالأرقام الجالبة للحظ والأشكال المناعة للحسد.
ثانياً : عَرَض الوساوس السلوكية :
الرغبة في التخلص من تسلط أفكار الوسواس القهري ،تدفع المصاب به إلى اتخاذ أنماط سلوكية معينة، لا يشعر المريض بالراحة لفعلها، إنما في الواقع هو يقوم بها انصياعاً لإلحاح هذه الأفكار، فمن يعاني من وسواس قهري خاص بالخوف من الأمراض، يمكن أن يلجأ إلى غسل يديه باستمرار وبدون داعي، أو أن يفرط في عملية الاستحمام رهبة من أن يكون قد مسه شيء.. كذلك يمكن للمتطيرين المتشككين في أنفسهم، أن يعيدوا الصلاة أكثر من مرة ظناً من أنها لم تؤد بالشكل الصحيحة في المرة الأولى، المراجعة الاضطرارية المتكررة لبعض الأعمال التي يقوم بها الفرد، كالتأكد مراراً من إحكام غلق أقفال الأبواب، أو مراجعة إغلاقك مفاتيح البوتجاز أو مقبس الكهرباء.
علاج الوسواس القهري :
علاج مرض الوسواس القهري يتم وفقاً لمحورين، أولهما خضوع المريض لجلسات العلاج النفسي، ليعاونه الطبيب المختص على إيقاف التفكير في تلك الأفكار المُلحة، هذا بجانب بعض العقاقير العلاجية الكيميائية، وغالباً يأتي في مقدمتها العقاقير المضادة للاكتئاب، حيث يعد الاكتئاب أحد أخطر الآثار الناجمة عن الوسواس القهري