المشي وركوب الدراجات من أجل حياة أفضل

كنت منذ ستة سنوات في رحلة عمل داخل بلدي زرت فيها مدينة أسيوط , وهي عاصمة الصعيد ومن أكبر مدن الصعيد وأكثرها تنوعا وازدحاما بالسكان. تعجبت يومها من انتظام الطرق, وسعة الشوارع للماشيين فيه بعكس المدينة الكبرى التي أعيش فيها وهي القاهرة. وفي ليلة شتوية جلست مع طبيبيين يعملان بأكبر مستشفيات مدينة أسيوط وهي المستشفي الجامعي, سألتهم عن سر هذا الانتظام في المرور وقلة عدد السيارات وعدم وجود ازدحام كبير بالرغم من عدد السكان الكبير الذي يلاحظه أي زائر. وكانت الاجابة ستعرف غدا بعد انتصاف النهار في توقيت مغادرة الموظفين لأعمالهم والطلبة لجامعاتهم ومدارسهم. في اليوم التالي انتظرت الساعة الموعودة حتي أعلم السر الذي انتظرت معرفته في هذه الرحلة السريعة, وكان السر ايجابيا وبديعا. عندما يأتي وقت المغادرة تجد ألاف البشر موظفين وطلبة يخرجون الي جراجات كبيرة بجوار أماكن أعمالهم ودراستهم ويركبون دراجاتهم التقليدية والرياضية ثم يمشون بها في ايابهم الي بيوتهم بسلام. قليل منهم بل أقل من القليل يركب سيارته الخاصة أو السيارات الحكومية للنقل الجماعي.

المشي وركوب الدراجات أفضل

يقول خبراء الصحة إن المشي وركوب الدراجات ينبغي أن يكونا عادة الناس عند الخروج في الرحلات القصيرة. وقال باحثي المعهد الوطني للصحة والتفوق الاكلينيكي إنه أفضل للناس ترك سياراتهم الخاصة حال القيام برحلات قصيرة تستغرق 15 أو 30 دقيقة، ويفضل عن ذلك المشي على الأقدام أو ارتياد الدراجات العادية. وقال باحثي المعهد إن هذه الطريقة ضرورية لمكافحة الكسل والخمول، الذي يعد خطرا موقوتا يعرض الكثيرين لعشرات المخاطر الصحية مثل أمراض الضغط والقلب والسمنة.

فكرة قابلة للتطبيق

ينصح بعض خبراء المعهد الوطني للصحة وهو من الجهات الثقات الكبيرة عالميا في مجال الحفاظ على الصحة العامة وجودة حياة الانسان في كل مكان ببذل المزيد من الجهد وعمل توعية ضخمة وحملات اعلامية كبيرة للدعوة الي أن يصبح المشي وركوب الدراجات اختيارا أكثر استخداما في المجتمعات المحلية الصغيرة والمنتجعات السياحية , والتجمعات السكانية الشبابية. وقال باحثو المعهد أن هذه هي مسئولية المجالس المحلية والجهات الحكومية والسلطات التنفيذية ودورها من أجل تحسين الصحة العامة والذي من شأنه أن يتيح أمام هذه المجالس فرصة كبيرة لإحداث فرق في المجتمع صحيا وتنظيميا بل وعلى مستوي الحالة النفسية العامة للمجتمع.

دراجة لكل مواطن

تشير بعض الأبحاث الهندسية التي تهتم بمشاكل الاختناقات المرورية في المدن والطرق المزدحمة الخانقة الي أن من أفضل وأيسر الحلول التي توصلوا اليها من خلال دراساتهم أن تقوم بعض الجهات الحكومية أو الخاصة بتوفير الدراجات للمواطنين عبر خدمة الايجار مثلا، مع رعاية فعاليات منظمة أو أسبوعية تعتمد على عدم استخدام السيارات الخاصة وتقديم خدمات أفضل فيما يتعلق بتطوير طرق سير الدراجات وتوفير خرائط توضيحية على هذه الطرق تتاح مجانا مع الصحف اليومية وبرامج التلفاز والراديو. كما تضيف أيضا هذه الأبحاث بالاهتمام بتخطيط وتنظيم الطرق والأرصفة الخاصة بالمشي على الأقدام وتحددها بشكل أفضل، مع توفير الارشادات الخاصة بطول المسافات، والوقت المستغرق للسير فيها. وينبغي أيضا على المدارس وأماكن العمل أن تشجع التلاميذ والموظفين على المشي وركوب الدراجات.

الخمول عدو الحياة

في أحدث التقارير العلمية تؤكد أحد الأبحاث أن تراكم تأثير حالة الخمول والكسل لها نفس التأثير الخطير لعادة التدخين الكارثية تماما. وتشير آخر الإحصاءات إلى وجود ستة من بين كل عشرة رجال، وسبع من بين كل عشر نساء، لا يقومون بالنشاط البدني وفقا للمستويات الموصى بها طبيا. لكن هذه الاحصاءات لا تزال أفضل قليلا فيما يتعلق بالأطفال وصغار السن حيث يزال نشاطهم الفطري يحافظ لهم علي نسبة معقولة من النشاط.