اللابؤرية أو اللانقطية أو كما يعرف طبياً بمصطلح الإستجماتيزم، جميعها مسميات تشير لذات الشيء وهو أحد أكثر أمراض العيون شيوعاً، وهذا المرض يصيب القرنية وهي الجزء الشديد الشفافية الذي يتمركز عند مقدمة العين، والتي تكون في وضعها الطبيعي مكتملة الاستدارة، أما القرنية المصابة بمرض اللابؤرية تتخذ وضعية منبعجة أشبه بشكل البيضة، وهو ما يترتب عليه عدم تساوي أبعاد مسطحها، بل أن أحد منحنيات القرنية المصابة يكون أكثر تسطحاً من نظائره، وتعرف هذه الحالة علمياً بمصطلح تحدب القرنية، ونتيجة لهذا التحدب يصاب الإنسان بخلل في الرؤية ودرجة وضوحها.
مدى انتشار اللابؤرية ؟
بطرح السؤال عن مدى شيوع مرض اللابؤرية أو اللانقطية بين الناس نجد الإجابة مذهلة وصادمة، حيث أن الدراسات التي قام بها العلماء في هذا الصدد، بينت أن نسبة المصابين بهذا المرض تقارب الـ100% تقريباً، فجميع البشر تقريباً مصاب نظرهم بدرجة ما من درجات اللابؤرية، إلا أن اختلال عملية الرؤية لا يحدث إلا في الحالات التي تزداد فيها درجة الإصابة، وهذه الاختلالات البصرية تتمثل غالباً في ازدواج الرؤية.
لماذا تقترن اللابؤرية بالرؤية المزدوجة ؟
في الحالات الطبيعية التي تكون فيها القرنية أقرب إلى الشكل المستدير، يساهم هذا في تجميع أشعة الضوء في مكان واحد بداخلها يسمى بالبؤرة، أما في حالات الإصابة بـ اللابؤرية ونتيجة لاختلاف منحيات العين، لا تتساقط تلك الأشعة الضوئية في ذات المكان مما يؤدي إلى حدوث ما يعرف بازدواج الرؤية، ويتضح هذا الخلل عندما يوجه الشخص نظره إلى لأجسام البعيدة أو الأجسام القريبة، وفي بعض الحالات المزمنة يكون ازدواج الرؤية مصاحب لكلا الرؤيتين.
أنواع إصابات اللابؤرية :
أعراض مرض اللابؤرية ثابتة وتختلف فقط في شدتها وفقاً لمدى الانبعاج الذي لحق باستدارة القرنية، ومن ثم قام العلماء بتصنيف اللابؤرية إلى نوعين وفقاً لمدى انحدارها هما :
- اللابؤرية المنتظمة : وفي ذلك النوع من المرض تكون الزوايا ما بين منحنيات القرنية 90 درجة تقريباً، ويعد هذا النوع هو الأكثر شيوعاً وانتشاراً بين أنواع اللابؤرية
- اللابؤرية غير المنتظمة : هي النوع الأقل انتشاراً من ذلك المرض المصيب للعيون، وتصاحبه ذات الأعراض التي تصاحب النوع الأول لكنها تكون أكثر شدة، وتعتبر اللابؤرية غير منتظمة سواء كانت الزواية بين المنحنيات تقل أو تزيد عن 90 درجة، وفي أغلب حالات هذا النوع تكون القرنية متخذة شكل أقرب إلى الشكل المخروطي.
أسباب اللا بؤرية :
قد تنتج إصابة الشخص بـ اللابؤرية كنتيجة لعدة عوامل هي :
- الوراثة : النسبة الكاسحة من مصابي اللابؤرية يكونوا قد أصيبوا بها نتيجة لعوامل الوراثة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن كافة البشر تقريباً يولدوا مصابون بدرجة طفيفة من اللابؤرية ،لكن لا تصنف جميعها كحالة مرضية إنما الحالات الشديدة منها فقط، والتي تؤثر على دقة الرؤية وعلى درجات وضوحها.
- الأمراض : أحياناً تنتح اللابؤرية عن إصابة العين بأحد الأمراض، وأكثر الأمراض المؤدية إليها شيوعاً مرض Keratoconus أو القرنية المخروطية.
- الإصابات : تعرض الإنسان إلى حادثة ما أو تعرض العين لضربة مباشرة، هي من الأمور التي قد تؤثر على سلامة النظر وقد تؤدي إلى اللابؤرية
أعراض اللابؤرية :
أي مرض يكون له أعراض مصاحبة تشير إلى تعرض الإنسان للإصابة به، و اللابؤرية قد حدد العلماء أعراضها المصاحبة كالآتي :
- تكون رؤية المصاب بـ اللابؤرية مشوشة أو ضبابية دائماً.
- ازدواج الرؤية من أقوى المؤشرات على التعرض للابؤرية.
- صداع الرأس الشديد من أعراض اللابؤرية أيضاً، لكنه لا يعتد به منفرداً كونه من الأعراض المصاحبة لأكثر من مرض من أمراض العيون.
- طول النظر وقصر النظر عادة ما يُصاحب أحدهما مع الإصابة بـ اللابؤرية ،ولذلك فأن اقتران إصابة الشخص بأي منهما مع الأعراض الأخرى، يمكن حينها الجزم بتعرضه للإصابة بأحد نوعي اللابؤرية.
علاج اللابؤرية :
بعد كل ما أوردناه عن مرض اللابؤرية والذي يعد من أكثر أمراض العيون شيوعاً وانتشاراً، فالسؤال الذي يفرض نفسه هو مدى إمكانية علاج تلك الإصابة وكيفيته، وفي الواقع ليس هناك وسيلة واحدة فقط للتغلب على مشاكل اللابؤرية ،إنما مع تقدم التقنيات الطبية والجراحية بات هناك أكثر من وسيلة لذلك وهي :
- النظارات والعدسات : أولى طرق التغلب على الخلل الذي ينتج عن اللابؤرية ويُصعب عملية الرؤية، هي أن يقدم المريض على استخدام النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة، ولكن لا تعد تلك الأمور علاجاً نهائياً لمشكلات النظر الناتجة عن اللابؤرية، إنما هي مجرد وسيلة للتحايل عليها وعامل يساعد على إيضاح الرؤية بالنسبة للمريض، أما إذا رغب الإنسان في التخلص من العدسات والنظارات فلا سبيل إلى ذلك إلا بالخضوع لإحدى العمليات الجراحية.
- عملية الليزر الإكسيمري : هو إحدى التقنيات المستخدمة في تصحيح العيوب الانكسارية بالعيون ويعرف باسم (إكزيمر)، وفي هذه الجراحة يهدف الجراح إلى الإطباق على سمك طبقة القرنية، ومن ثم يمكنه تصحيح النظر عن طريق تصحيح درجات اللابؤرية المتوسطة.
- تقنية البضع القوسي : تتم الاستعانة بهذه التقنية العلاجية الجراحية لعلاج سطح القرنية، وهي فائقة الفاعلية ونسبة نجاح نتائجها مرتفعة للغاية، ولذلك تستخدم عادة لعلاج الدرجات المرتفعة من إصابات اللابؤرية
- العدسات الحيدية : هذه التقنية لا يتم اللجوء إليها إلا في الحالات المستعصية، حين يكون المريض مصاب بدرجة مرتفعة من اللابؤرية ،وتعتمد هذه العملية على زرع عدسة بالمنطقة الواقعة بين القرنية والجسم الزجاجي تمكن العين من استقبال الضوء بشكل صحيح، ومن ثم تنعدم مشكلات اللابؤرية وينعم المريض برؤية نقية عالية الوضوح.
مضاعفات اللابؤرية :
كأغلب أمراض العيون وعيوبها الخلقية لا ينعكس تأثيرها على عضو العين، وبالنسبة لإصابات اللابؤرية فأن مضاعفاتها تقتصر على تشوش الرؤية، وهو ما يعيق مزاولة المريض لمختلف أنشطته اليومية، والأدهى من ذلك أن حالات ضعف الرؤية هذه لا تتسم بالثبات، إنما تكون في تدهور مستمر مع تقدم المريض في السن، والحل النهائي والجذري لإنعدام البؤرية هو إجراء جراحة تصحيح النظر كي تتضح الرؤية.
الوقاية من مرض اللابؤرية :
لا توجد قواعد ثابتة يمكن من خلالها الوقاية من تعرض العين لمرض اللابؤرية ،وذلك لأن المرض في أغلب الحالات ينتج عن عوامل وراثية، ومن ثم عَدّ العلماء الوقاية التامة من هذا المرض من دروب المستحيل، ولكن يمكن الحد من احتمالات تعرض الإنسان الطبيعي له من خلال اتباع القواعد العامة المحافظة على صحة العين، والتي يمكن أن نوجزها فيما هو آت :
- الحذر من إرهاق العين بدرجات كبيرة خاصة بالنسبة لمن يقوم عملهم بكامله على حاسة البصر، كمن يزاولون الأعمال المكتبية والكُتاب ومدخلي البيانات، أو الحرفيين الذين يكونوا أكثر عرضة للشظايا ودرجات الحرارة المرتفعة.
- تجنب التعرض إلى الضغوط العصبية ومحفزات التوتر والقلق، إذ وجد العلماء أن هناك علاقة وطيدة تربط بين مشكلات النظر والتعرض للضغط العصبي، ومرض اللابؤرية أحد تلك المشكلات التي قد تصيب النظر كنتيجة للضغط.
- فرك العينين أحد العوامل المسببة للعديد من أمراض العيون ومنها اللابؤرية ،نتيجة لما قد ينقله إليها من عوالق أو ملوثات.
- كالعادة يعد النظام الغذائي السليم أحد الأمور التي تقي من التعرض للأمراض بصفة عامة، وفيما يخص صحة العين فينصح الأطباء بتضمين النظام الغذائي أطعمة تحتوي على نسب مرتفعة من فيتامين أ وفيتامين د.
- تجنب العادات الخاطئة التي تضر بسلامة العين وصحتها، مثل اعتياد القراءة في ظل إضاءة ضعيفة، والحذر من قضاء فترات طويلة متصلة أمام شاشة الكمبيوتر