أنيميا الحمل وتعرف كذلك بمسمى فقر الدم المصاحب للحمل، هي حالة مرضية شائعة جداً بين النساء الحوامل، وهي من اضطرابات الحمل بالغة الخطورة، إذ إنها تهدد سلامة واستقرار الجنين داخل الرحم، ووفقاً للدراسات فإن أنيميا الحمل قد تتسبب في عدم اكتمال الحمل، وفي حالة اكتماله قد تتسبب في ميلاد طفل غير مكتمل النمو، أو أن يكون متسم بحالة عامة من الضعف والضآلة، الأمر الذي يؤثر على سير عملية النمو مستقبلاً.. و أنيميا الحمل تتشابه في مجملها مع الأنيميا الاعتيادية، بخلاف إنها تزداد حِدة أو تظهر أثناء فترة الحمل، كما هو مُبين من مُسماها، فتلك المشكلة الصحية يقصد بها الإصابة بحالة خضاب الدم الهيموجلوبين، وهو البروتين الأساسي المكون لخلايا الدم الحمراء، وهو المسئول عن حمل الأكسجين من الرئتين إلى مختلف أعضاء الجسم، ولعلنا من خلال هذه المقدمة، قد تبينا مدى الخطورة التي قد تنجم عن انخفاضه.. لهذا علينا أن نتوقف ونسأل، كيف تحدث الإصابة بمرض أنيميا الحمل ؟، وما العوامل التي تزيد من احتمالات التعرض له؟، وأخيراً.. هل من وسيلة للعلاج والوقاية..
أنيميا الحمل .. مفهومها ومحفزاتها وعلاجها :
أنيميا الحمل هي من الأمور الطبيعية التي ترافق حدوث الحمل، وهي لا تعد في ذاتها حالة مرضية، ولكنها تعتبر كذلك حين تزداد حدتها، ويبدأ تأثيرها السلبي في الظهور على الحالة الصحية العامة، سواء بالنسبة للأم أو بالنسبة للجنين.. فكيف تحدث أنيميا الحمل؟
أولاً: لماذا وكيف تحدث أنيميا الحمل ؟
ببساطة جسم المرأة خلال الحمل يكون مسئولاً عن تغذية فردين، وبالتالي فإنه يقوم تلقائياً بإنتاج المزيد من كرات الدم الحمراء، كي يغطي الاحتياجات الطبيعية لجسم الأم، بجانب إمداده للجنين بالعناصر الهامة لنموه وتكوينه، لكن في حال عدم حصول الأم على الكم المناسب من العناصر الغذائية، فإن الجسم يعجز -في تلك الحالة- عن إنتاج الدم، وبالتالي فإن الأم وجنينها يقتسمان كمية الدم الأصلية، ويستهلكان ما يُحمل بها من عناصر وأكسجين، وشدة أنيميا الحمل تتوقف على مدى معدلات النقص سواء بالمعادن أو الفيتامينات، وكما ذكرنا فإن من الطبيعي أن تصاب الحامل بأنيميا طفيفة، أما إذا اتسمت فلابد من اللجوء إلى الطبيب المتابع للحالة، لعلاج هذه الحالة من الضعف العام، كي يتم استكمال فترة الحمل في أمان وسلام.
ثانياً : من الأكثر عرضة للإصابة بـ أنيميا الحمل ؟
إذا كانت أنيميا الحمل الطفيفة من الأعراض الطبيعية خلال تلك الفترة، فما الذي يحولها إلى حالة مزمنة تتطلب العلاج؟.. والسؤال يمكن أن يُطرح هنا بصيغة أخرى.. من هن النساء الأكثر تعرضاً للإصابة بـ أنيميا الحمل المزمنة؟.. تناولت أكثر من دراسة علمية أنيميا الحمل من هذا المنظور، وتوصلوا إلى مجموعة من الفوارق الفردية، التي تميز النساء الحوامل عن بعضهن، وتزيد من احتمالات إصابتهن بحالة من الضعف والأنيميا، وتلك العوامل تتمثل في الآتي:
1- قصر المدد الفاصلة :
من أخطر السلوكيات الخاطئة التي تتبعها النساء، هو عدم الالتزام بالحصول على فترة راحة ما بين الحملين، فعمليتي الحمل والولادة عمليتين مهنكتين للبدن، وعملية الرضاعة التي تعقبها أيضاً لا تقل عنهما إنهاكاً، ومن ثم فإن الاستشفاء من هذا كله يستغرق بعض الوقت، وتكرار التجربة خلال فترة قصيرة دون حدوث ذلك الاستشفاء، يجعل من المرأة عرضة للعديد من المخاطر، من بينها التعرض لحالة من تسمم الحمل، أما الأمر المؤكد هو إنها ستصاب بحالة من أنيميا الحمل ،نظراً لأن الجسم في الأساس لم يستعد عافيته، ولا يزال يعاني من حالة من الضعف والافتقار للعناصر الغذائية.
2- حمل التوأم :
العامل الثاني الذي يزيد من احتمالات حدوث أنيميا الحمل ،هو أن تكون المرأة حاملة بأكثر من جنين، فقد لاحظ العلماء أن النسبة الأكبر من حالات أنيميا الحمل ،كانت لنساء يحملن بالتوائم، ومعدلات حدوث هذه الحالة 1: 90 بحسب الإحصاءات، أي أن كل تسعون حمل فردي يقابله حمل بأكثر من جنين، وهو معدل مرتفع نسبياً برغم الفارق الظاهر بالأرقام، ولا توجد من وسيلة يمكن معها الوقاية من ذلك، لكن الخبر الجيد أن أنيميا الحمل ليست أمراً حتمياً، فقط يجب على المرأة الانتباه، وفور علمها بأنها تحمل داخل رحمها أكثر من جنين، عليها التوجه إلى استشاري التغذية وطلب مساعدته، ليضع لها برنامج غذائي صحي ومتوازن تتبعه خلال فترة الحمل، يوفر لها ولكلا الجنينين ما يحتاجون إليه من عناصر.
3- غثيان الصباح :
غثيان الصباح هو عَرض آخر من الأعراض المرافقة للحمل، ولكن إذا كان ذلك العَرض يتسم بتكرار الحدوث، فإنه في تلك الحالة يشكل بعض الخطورة، ومن بينها إنه قد يساهم في التعرض لـ أنيميا الحمل ،ولا يُعِد الأطباء غثيان الصباح مسبباً رئيسياً لهذه الأنيميا، إنما هو فقط مجرد عامل مساهم أو محفز، أي إنه يزيد من حِدتها حال الإصابة بها فقط، كما إن الأمر يرتبط بمعدل الشعور بالغثيان وارتداد الأطعمة، وهذا الأثر السلبي لغثيان الحمل أو غثيان الصباح، يحدث لأن الجسم يلفظ الطعام قبل القيام بعملية الهضم، وبالتالي فإنه لا يمتص العناصر الغذائية المتوفرة به ولا يستفاد به، والوقاية من غثيان الصباح وآثاره ليست من الأمور المستحيلة، وقد تناولناها سابقاً بموضوع: طرق التغلب على غثيان الصباح.
4- الأنيميا الاعتيادية :
من بين العوامل المسببة لـ أنيميا الحمل كافة، يعد ذلك العامل هو الأخطر على الإطلاق، وذلك لأن توفره يعني التعرض لحالة حادة من أنيميا الحمل ،وذلك وفقاً لم تم إثباته علمياً من خلال أكثر من دراسة، وجدت أن النساء المصبات في الأساس بالأنيميا، كان حملهن في مجمله متسم بالاضطراب والخلل، وكانوا أكثر عرضة من غيرهن لمختلف مضاعفات الحمل بشكل عام، و أنيميا الحمل على وجه الخصوص، ويكون حملهن مهدد بعدم الاستمرار في كل لحظة، وتلاحظ إن حتى حمل المصابات بالإنيميا إذا اكتمل، فإن الأجنة عادة ما يولدوا ضعاف البنية أو غير مكتملين النمو.. لهذا فيجب أخذ ذلك في الاعتبار عند الاستعداد للحمل، فعلى الأم إجراء فحص شامل قبل الإقدام على تلك الخطوة، ليس فقط للتأكد من عدم حملها لمرض وراثي قد يُنقل للطفل، إنما أيضاً لضمان استعدادها جسمانياً لتحمل مشاقة مراحل الحمل المختلفة.
ثالثاً : علاج أنيميا الحمل :
علاج أنيميا الحمل صار أمراً يسيراً، فقط يمكن التغلب عليها بتناول المُكملات الغذائية، أو اتباع نظام غذائي سليم وصحي، يعتمد على تعدد الأنواع وتنوع المصادر، ولكن ذلك يرتبط بتوقيت الكشف عن الإصابة، فكلما تم اكتشاف الإصابة بـ أنيميا الحمل مبكراً، كلما كان بالإمكان علاجها وتجنب عواقبها، قبل أن تؤثر على الصحة العامة للأم أو الجنين.
أ) المكملات الغذائية :
الحبوب المكملة المستعملة في علاج أنيميا الحمل ،تختلف باختلاف نوع النقص الذي تعاني منه المرأة الحامل، ومن بين المكملات الغذائية شائعة الاستخدام، ما يلي:
- مكملات الحديد.
- حبوب حمض الفوليك.
- مجموعة الفيتامينات، وهي تعرف طبياً بمسمى “فيتامينات ما قبل الولادة”.
ب) الغذاء :
سعيدات الحظ هن من يكتشفن أنيميا الحمل مبكراً، أو يكتشفون حاجتهم إلى عنصر ما قبل بدء الحمل، ففي تلك الحالة يمكن علاج ذلك بشكل طبيعي، من خلال اتباع نظام غذائي يحتوي على الحديد وحمض الفوليك وفيتامين ب، ومن أغنى الأطعمة بهذين العنصرين بالغين الأهمية:
- اللحوم منزوعة الدهن.
- اللبن ومشتقاته المختلفة.
- الدواجن والبيض.
- الأسماك بأنواعها.
- المكسرات.
- البقول.
- الخضروات الورقية.