أنواع الإدمان أكثر مما يمكن لأي شخص أن يتصوره، ومنها ما هو ظاهر وواضح ويعرف نفسه بأنه حالة إدمان، وذلك هو الإدمان المادي الذي يقوم فيه الشخص بتعاطي مادة معينة، ولا يمكنه السيطرة على شراهته إليها أو منع نفسه عنها، وإدمان المخدرات هو أكثر أشكال الإدمان المادي شيوعاً، وهناك نوع آخر من أنواع الإدمان وهو الإدمان السلوكي، والذي يتمثل في اعتياد الشخص على تصرف واحد أو أكثر، ولا يمكنه التحكم في نفسه أمامه أو منعها عن انتهاج ذلك السلوك، ومن أشهر أنواع الإدمان هذه إدمان الشراء والتسوق، أما النوع الثالث فهو ما يمكن وصفه بإدمان المواد الخادعة، أي اعتياد الشخص على تناول مواد معينة يحسبها غير مسببة للإدمان، بينما هي أحد أنواعه بل قد تكون من أخطر أنواع الإدمان مثل إدمان الكحول.
من أنواع الإدمان .. إدمان الكحول :
يعتقد البعض أن الكحوليات أو الخمور ما هي إلا مجرد مشروبات عادية، نصنفها كمشروبات ضارة بالصحة لكن نادراً ما نضعها في تصنيفها الصحيح، وهو اعتبار تناول المواد الكحولية أحد أنواع الإدمان ،حيث أن الدراسات والإحصاءات العلمية أثبتت أن مخاطر الكحول لا تتوقف عند حد ما يلحقه بالصحة العامة من أضرار، بل الكارثة الأكبر أنه أحد أنواع الإدمان التي يتعرض لها البشر، مما يعني أن حتى بعد إدراك الشخص لأضرار الكحول يصعب عليه الإقلاع عن تناوله.
ما هو إدمان الكحول ؟
يضع العلماء فرقاً جوهرياً بين شارب المشروبات الكحولية وبين مدمن الخمور، وإن كان النوع الأول هو خطوة البداية نحو التحول إلى النوع الثاني، حيث أن تناول الكحول مع الوقت يصير من أنواع الإدمان ،حيث يصبح تناوله قهرياً وخارج عن رغبة وسيطرة الشخص المدمن عليه، وهي الخاصية العامة التي تجمع بين كافة أنواع الإدمان على اختلافها، أما إدمان الكحول فيقصد به غض الطرف عن المخاطر الصحية والعواقب الاجتماعية المحتملة، وتمادي الشخص في تناول مشروبات الكحول الإيثيلي رغم علمه بكل ذلك، كونه يصبح في هذه المرحلة فاقد للسيطرة على نفسه، عاجز عن التحكم في كم ما يقوم باستهلاكه من هذه المشروبات.
ما هو الكحول الإيثيلي :
الكحول الإيثيلي أو الإيثانول هو المركب الكيميائي الذي يجعل من الخمور أحد أنواع الإدمان ،ويعد الإيثانول أحد المواد القابلة للاشتعال والذي يدخل في صناعات وقود المحركات وكذا صناعة العطور، هذا بالطبع بجانب استخدامه في صناعة المشروبات الكحولية المختلفة، وذلك عن طريق إخضاعه لبعض العمليات وصولاً به إلى عملية التخمير، والتي يعتمد حدوثها على الوصول إلى المرحلة التي ينعدم بها الأكسجين داخل المركب، وهو ما ينتج عنه تولد البكتيريا المتعفنة اللازمة لحدوث التخمر.
حجم كارثة الكحول :
100 مليار دولار أمريكي هي حجم الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الأمريكي سنوياً جراء تفشي هذا النوع من أنواع الإدمان، والتي تنتج عن نقص الفاعلية الإنتاجية للمواطن المدمن لمشروبات الكحول، بجانب ما النفقات العلاجية الباهظة التي تضخ من أجل هذا الداء، وللأسف بنسبة كبيرة تذهب هذه الأموال سدي دون أن تحقق نتائج حقيقة، حيث أن الكحول من أنواع الإدمان التي يصعب الإقلاع عنها والاستشفاء منها، ورغم فداحة هذا الأمر إلا أنه لا يعد التأثير الأسوأ لإدمان الكحول، فهذا النوع من أنواع الإدمان يأتي بالمركز الثالث ضمن قائمة مسببات الوفاة، ولا يتقدم عليه إلا الأزمات القلبية ومرض السرطان، لكن إذا أضفنا إلى إدمان الكحول أسباب الوفاة غير المباشرة الناتجة عنه، مثل حوادث الطرق التي يتعرض لها نسبة هائلة من شاربي الخمر، لتم عده أخطر أنواع الإدمان على الإطلاق بصفته القاتل رقم واحد في بعض المجتمعات.. ومما سبق ووفقاً للإحصاءات التي أجريت مؤخراً اعتُبر إدمان الكحول أخطر من إدمان المخدرات، وذلك من حيث عدد المصابين وحجم الإنفاق العلاجي ومدى فاعليته.
تاريخ الكحول :
كل نوع من أنواع الإدمان يعرف بتاريخين تاريخ مزاولته وتاريخ تصنيفه كمرض، وبالنسبة لأخطر أنواع الإدمان وهو الكحول فقد عُرف قبل 8000 سنة تقريباً، ويُرجح العلماء أن أول شعوب استخدمته كان ساكني إيران وأرمينيا وجورجيا، وانتشر بسبب ما يحققه من حالة انتشاء وقتية مع الجهل بأضراره وبأنه من أنواع الإدمان ،أما عن ظهوره ببلاد القارة الأوروبية فقد كان ذلك قبل 6500 تقريباً، وأغلب الظن أن اليونان وبلغاريا كانتا أول الدول التي ظهرت فيهما المشروبات الكحولية، ورغم هذا لم يظهر مصطلح “الكحولية” ويستخدم كوصف لأحد أنواع الإدمان إلا قبل 200 عام فقط.
الانتكاسة المحتملة :
شفاء المدمن أي كان نوع الإدمان المُعرض له هو أمر غاية في الصعوبة والتعقيد، إلا أن إدمان المشروبات الكحولية يعد هو الأعقد على الإطلاق، حتى أن بعض الخبراء يرغبون في تصنيف الكحول ضمن الأمراض التي لا تشفى، ويحذرون مراراً وتكراراً من تناول هذا السم ولو بدافع التجربة، حيث أن قدر بسيط منه كفيل بدفع الإنسان إلى الانزلاق بهاويته، ومع التكرار يتحول الأمر إلى إدمان ويعجز بشكل تام عام عن السيطرة على شهيته إليه، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على “البيرة” منخفضة الكحول، فنسبة 1 من الألف من الكحول كفيلة بتحريك شهية الشخص إليه، ويؤكد معالجي حالات الإدمان أن الكحول استثنائي بين كافة أنواع الإدمان الأخرى، إذ أن مجهوداتهم في علاجة تذهب سدي مع نسبة أكبر من 50% من الحالات المعالجة، حيث يصاب المدمن بانتكاسة مفاجئة ويعاود اجتراع الكحول مجدداً، ويكون ذلك خلال عام واحد من إتمام علاجه من التسمم الكحولي، وهو الأمر الذي يجعل من منع تعرض المدمن لهذه الانتكاسة أصعب من العلاج نفسه.
علاج إدمان الكحول :
أنواع الإدمان المرتبطة بتعاطي مادة أو عقاقير معينة يقوم علاجها على شقين، الشق العضوي المتمثل في علاج الجسم من مخلفات التعاطي، بجانب الشق النفسي المسئول عن إعادة تأهيل المدمن وتحفيزه للاندماج في المجتمع من جديد، وبالنسبة لإدمان الكحول فإن علاجه يتم وفقاً لعدة أسس وخطوات:
أولاً : العلاج العضوي :
- الخطوة الأول لعلاج هذا النوع من أنواع الإدمان هي تخليص الجيم من سمية الكحول، وتستغرق هذه العملية مدة زمنية تتراوح ما بين 48 ساعة : 7 أيام، مع استخدام الطبيب لبعض العقاقير الطبية المخدرة للحد من تعرض الميرض للهلاوس.
- علاج أنواع الإدمان عادة يتضمن علاج دوائي يهدف إلى منع رغبة المدمن في المادة المُدمَنة، وهو ما ينطبق على إدمان الكحول حيث يعطى المريض حبوب عاكسة للرغبة، التي تعمل على دفعه إلى النفور من تناول أي نوع من المُسكرات.
ثانياً : العلاج النفسي :
رغم أن أنواع الإدمان على اختلافها يكون تأثيرها المباشر على الصحة الجسمانية، إلا أن ذلك لا يخل بأهمية العلاج النفسي وفاعليته ودوره المحوري، إذ أنه يساهم بشكل أساسي في إتمام شفاء المدمن ويؤهله للاندماج مجدداً في قلب مجتمعه، بجانب أنه يحد من احتمالاته تعرضه للانتكاسة والعودة إلى الإدمان مجدداً، ويهدف العلاج النفسي لمدمن الخمور إلى تحقيق مجموعة نتائج هي:
- إكساب المريض الثقة بالنفس وتحفيزه لمواجهة مشاكله، بدلاً من الهرب منها عن طريق تناول الخمور.
- صنع ارتباط شرطي في ذهن المريض بين الكحول وأمور منفرة للنفس.
- تدريب المدمن على الثبات الانفعالي والقدرة على ضبط النفس والتحكم في الرغبات.
- تشجيع المدمن على الاندماج في محيطه من جديد، خاصة إن كان استمر إدمانه لفترات طويلة هدمت علاقاته الاجتماعية، وأدت إلى انعزاله التام عن المحيطين به.