الرجل بعد الأربعين يصل إلى قمة النضوج العقلي، لكن من المؤسف أن يصاحب هذا الاكتمال العقلي، انتقاص ملحوظ بالصحة الجسمانية العامة، فإذا كان الرجل بعد الأربعين يودع مكرهاً مرحلة الشباب، إلا أنه ليس مكرهاً على توديع خصائص تلك المرحلة، بل يمكنه الاحتفاظ بحيوية الشباب وقوته ونشاطه، والأمر لا يتطلب سوى اتباع نصائح الأطباء في هذا الصدد، والتي تتمثل في القيام ببضعة إجراءات صحية.. لنتعرف عليها معاً.
الرجل بعد الأربعين .. كيف تبقى شاباً ؟
كي يحتفظ الرجل بعد الأربعين بشبابه، فما عليه سوى اتخاذ بعض الأمور بعين الاعتبار، وتعديل بعض السلوكيات الخاطئة التي تؤثر على الصحة، وبالأخص خلال تلك المرحلة العمرية، وتلك الأمور والسلوكيات التي أوردها الأطباء هي:
أولاً : حافظ على وزنك معتدلاً :
إن أراد الرجل بعد الخمسين الاحتفاظ بصحته جيدة، فإن أول العوامل التي تقوده إلى تحقيق غايته، هي الحفاظ على وزنه معتدلاً، فلا يسمح لنفسه بأن يصاب بنوع من النحافة، وكذا يجب الحذر من السقوط في شرك أي من أنواع السمنة، وذلك الاحتمال الأخير هو الأكثر شيوعاً، وذلك مرجوعه ليس فقط لعدة أسباب فسيولوجية، والتغيرات التي تطرأ على الجسم مع التقدم العمري، إنما الدراسات الإحصائية التي قام بها أكثر من فريق بحثي، أثبتت إن سلوكيات الرجال بعد الخمسين تزيد من احتمالات تعرضهم لخطر السمنة، فقد وجدت الدراسات أن أغلب الرجال في هذا العمر لا يتحركون تقريباً، فهم إما يكونوا على أعتبا اعتزال العمل والمكوث في المنازل بصحبة العائلة، أو إنهم يمارسون أعمالاً مكتبية أو إدارية مزاولتها لا تحتاج إلى التحرك كثيراً، الأمر الذي يعني إن الرجل بعد الخمسين ،يكون قد وضع قدمه على أول الطرق المؤدية للسمنة، ووفقاً لذات الدراسات الإحصائية الراصدة لنمط الحياة بتلك المرحلة العمرية، فإن النسبة الأخرى من الرجال، وهي النسبة الأقل، يكونوا معرضون إلى فقدان الوزن والإصابة بالنحافة، والسبب في ذلك هو فقدان الشهية إلى الطعام، ويجب أن يخرص الرجل بعد الخمسين على اتباع نظام غذائي سليم وصحي، يقيه التعرض لهذا أو لذاك، كون إن كلا الأمرين يشكل خطورة بالغة على الصحة.
1- خطر السمنة :
خطر السمنة على الرجل بعد الخمسين ،يتعدى حد التأثير على المظهر والجاذبية، بل إنها يمثل خطورة بالغة على الحالة الصحية العامة، فالسمنة تفتح البوابة أمام العديد من الأمراض المزمنة وشديدة الخطورة، فتراكم الدهون داخل الجسم يؤثر بشكل سلبي على صحة القلب والشرايين، ويجعل صاحبها أكثر عرضة للإصابة بأمراض على شاكلة تصلب الشرايين وانسداداتها، كما يصبح من المحتمل جداً أن يتعرض للأزمة القلبية أو السكتة الدماغية، هذا بجانب أنماط أخرى من الأمراض المزمنة، مثل داء السكري ومرض ارتفاع ضغط الدم.
2- خطر النحافة :
لا تعد النحافة خطراً مستقلاً، ولا تمثل مشكلة صحية في ذاتها، فليست النحافة هي ما يصيبنا بالقلق، إنما الخطر كامن في المضاعفات المحتمل ترتبها على الإصابة بها، فانخفاض الوزن بمعدلات مرتفعة وسرعة كبيرة، يعد بمثابة ناقوس خطر، فهو مؤشر على إن الشخص لا يتناول غذاءً جيداً، ولا يتحصل على قدر كافي من العناصر الغذائية اللازمة له، و الرجال بعد الخمسين ومع بداية انخفاض كفاءة الجهاز المناعي، يجب أن ينتبهوا جيداً لذلك المؤشر، وزيارة الطبيب في حال ملاحظتهم خسارتهم للوزن بنسب كبيرة.
ثانياً : احرص على تناول المياه :
فوائد الماء الصحية بالغة التعدد وكذلك بالغة الأهمية، وجميع البشر بلا استثناء في حاجة دائمة إلى تناول الماء، ليس هذا فقط، بل يجب أن يتم تناوله بكميات مناسبة، ولكن بعضنا يكون أكثر حاجة إلى الماء من البعض الآخر، فكبار السن على سبيل المثال يحتاجون تناول حصص أكبر من الماء، إذا ما تمت مقارنتهم بالأشخاص في عمر الشباب أو المراهقة، مما يعني إن الرجل بعد الخمسين لا يجب عليه تناول الماء عند الشعور بالعطش، بل يجب عليه ألا يشعر بالعطش من الأساس، وذلك لأن فقدان الجسم لكم السوائل المختزنة في داخله، يصيبه بحالة من الجفاف، الأمر الذي يسلبه طاقته ويصيبه بحالة شبه دائمة من الخمول والفتور وانعدام الاتزان.
ينصح الأطباء بضرورة الحرص على تناول أكثر من لتر من الماء يومياً، فهذا القدر بحسب الأبحاث التي أجريت في هذا الشأن، سيفي بالغرض ويعمل على ترطيب الجسم داخلياً، ويُفيد الإنسان بمختلف الآثار الصحية الإيجابية للماء، كما ينصح الأطباء الرجل بعد الخمسين والناس بصفة عامة، بمضاعفة هذه الكمية خلال الأيام ذات درجة الحرارة المرتفعة، إذ أن الجسم يفقد نسبة كبيرة من السوائل المختزنة به خلال ساعات النهار، بفعل مضاعفة كميات العرق التي تُفرز منه.
ثالثاً : تجنب الكحول والتدخين :
الرجال المصابون بلعنة إدمان الكحول، هم على اختلاف أعمارهم معرضون للعديد من المخاطر الصحية الجسيمة، ولكن الرجال بعد الخمسين تزداد بالنسبة لهم هذه الاحتمالات، خاصة وإن الدراسات قد أثبتت إن نادراً ما يبدأ شخص في تناول الكحوليات بعد هذا العمر، فإن بلغت الخمسين وأنت تتناول الخمور أو الكحوليات بصفة عامة، فإن ذلك يعني إنك قد اتبعت ذلك السلوك لمدة 20 عاماً على الأقل، مما يعني إن حالة الكبد باتت متدهورة بنسبة كبيرة، ولا سبيل أمام هذا النوع من الرجال إلا الامتناع التام عن التمادي في ذلك، وهذا ليس للاستشفاء من آثار الكحول المدمرة، إنما فقط هي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومحاولة أخيره لعدم قضاء سنوات العمر ما بعد الخمسين على أسرة المستشفيات، خاصة بعدما أثبتت الدراسات إن آثار الكحول كارثية، وتعد إصابات قرحة المعدة وتهتك أنسجتها أبسط آثارها، التي قد تصل إلى حد الإصابة بارتفاع ضغط الدم المزمن، أو تليف الكبد بجانب تأثيرها السلبي على العقل والمخ.
الأمر نفسه يمكن قوله عن التدخين بمختلف أنواعه، فنادراً أيضاً ما يبدأ الرجل في ممارسته بعد الخمسين، وبلوغ المدخن لهذا العمر، يعني إنه يحمل داخل رئتيه كم ضخم من رواسب النيكوتين والتبغ، الأمر الذي يؤكد إن عملية التنفس قد ألم بها ضرر بالغ، لذا فلا مفر من الإقلاع عن التدخين والكحول، وبالطبع من الأفضل الامتناع عن هذين العادتين في وقت مبكر، ليتجنب آثارهم في الكبر ويحظى بصحة جيدة طوال العمر.
رابعاً : ممارسة الرياضة :
إذا تحدثنا عن فوائد ممارسة الرياضة، وآثارها على الحالة الصحية للإنسان، فإننا سنحتاج إلى آلاف الصفحات لنفيها حقها، فإن كنت تطمح إلى الحصول على صحة جيدة، وامتلاك الشباب الدائم طوال العمر، فإن ممارسة الرياضة هي الطريق الأسهل والأمتع نحو تحقيق ذلك، ينصح الأطباء الرجال بممارسة الرياضة في وقت مبكر، وذلك للحفاظ على صحة القلبة وانتظام حركة دوران الدم، وكذا تنمية العضلات وإكسابها القوة والصلابة، بجانب الوقاية من أمراض عديدة مثل هشاشة العظام والسكري، وقد وجدت الدراسات إن الرجال بعد الأربعين ،ممن حرصوا على ممارسة الرياضة بشكل دوري خلال شبابهم، كانوا أقل عرضة للمشاكل الصحية مقارنة بقرنائهم، فلا شكوى من آلام الركبة والظهر، ولا يعانون من تقلصات العضلات عند الحركة.
الرجال بعد الأربعين الرياضة بالنسبة لهم أمر بالغ الضرورة، ولا يمكن في هذا الصدد استخدام مصطلحات مثل “فات القطر”، فحتى هؤلاء الذين لم يعتادوا على ممارسة الرياضة في وقت سابق، عليهم البدء في ممارستها واغتنام فوائدها من الآن، ولكن يجب أن يتم ذلك بشكل تدريجي، والأفضل أن يكون تحت إشراف أحد خبراء التربية البدنية، ليضع لهم برنامجاً تدريبياً يتلائم مع حالتهم الصحية.