هشاشة العظام ويعرف أيضاً بمعرض تخلخل العظام، وهو من الأمراض الروماتيزمية شديدة الخطورة، والتي يعاني منها عدد كبير نسبياً من البشر، وتعد هشاشة العظام واحدة من مظاهر الشيخوخة، إذ أن وفقاً لآخر إحصائية فإن أغلب من تخطوا سن السبعين، يعانون من إحدى حالات مرض هشاشة العظام، والنساء يعتبرن أكثر عرضة للإصابة بتلك المشكلة المرضية من الرجال، إذ أن النساء المصابات يمثلن حوالي ثلثي نسبة المصابيين، أي أن عددهن يمثل ضف عدد الرجال المصابون بالهشاشة، ويصيب ذلك المرض النسيج المكون للهيكل العظمي فيضعفه، فيؤثر على الصحة العامة للجسم والعظام بصفة خاصة، ويصبح المصاب بهذا الداء عرضة للعديد من المضاعفات الخطيرة، منها سهولة تعرضه لكسور العظام أو إصابته بكساح دائم.. فترى ما هي الأسباب والعوامل التي ينتج عنها ذلك المرض؟
أسباب هشاشة العظام :
تم تناول مرض هشاشة العظام من خلال أكثر من دراسة، لم تعنِ جميعها بالتوصل إلى حلول أو وسائل علاجية فعالة، بل أن بعضها أهتم بالتعرف على مسبباته، ومن ثم تلافيها -قدر الإمكان- والإفلات من التعرض للإصابة بـ هشاشة العظام .
مشاعر الاكتئاب :
الحالة الصحية للجسم تتأثر سلباً وإيجاباً بالحالة النفسية، هذه حقيقة علمية أثبتت منذ زمن طويل من خلال عِدة أبحاث، وقد توصل فريق بحثي ألماني إلى أن هشاشة العظام، هي واحدة من المشكلات الصحية التي قد تنتج عن تردي الحالة النفسية، وخصوا بالذكر حالات الاكتئاب الحاد، بعد أن عقدوا مقارنة بين عدد كبير من الحالات الخاضعة للبحث، وتوصلوا إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بمستويات مرتفعة من الاكتئاب، ازداد لديهم احتمال تضرر الكتلة العظمية والإصابة بـ هشاشة العظام.
التدخين :
العلاقة بين التدخين و هشاشة العظام ليست واضحة تماماً، فلم يتم إثبات ذلك بواسطة أدلة قاطعة، ولكن المؤشرات الأولية لبعض الأبحاث تقول بأن التبغ يؤثر سلباً على صحة العظام، ويجعل النسيج العظمي ضعيفاً وواهناً، مما يعني أن التدخين وإن لم يكن سبباً مباشراً لحدوث هشاشة العظام، فإنه سبب غير مباشر إذ أنه يُضعف نسيجها فيجعلها أكثر عرضة للإصابة بالهشاشة، ولا يزال الأمر محل البحث والدراسة حتى يومنا هذا.
المركبات الستيرويدية :
بعض الأدوية والأنظمة العلاجية يكون لها تأثير سلبي على العظام، خاصة إذا تم اتباع ذلك النظام العلاجي لفترات زمنية طويلة نسبياً، ومن أخطر الأدوية المسببة لـ هشاشة العظام تلك المستخدمة في علاج الأمراض المزمنة، والأدوية التي يتضمن تركيبها نسب عالية من المركبات الستيرويدية، وأن الشخص الذي يتلقى واحد أو أكثر من هذه الأدوية، عليه أن يجري اختباراً دورياً للكشف عن كثافة العظام، وذلك بهدف الكشف عن الإصابة -حال وقوعها- في وقت مبكر، وبالتالي تجنب فقدان الكتلة العظمية أو تجنب التعرض لحالة من هشاشة العظام يصعب بعدها العلاج.
مضادات الاكتئاب :
ذكرنا سلفاً أن الاكتئاب من الأمراض النفسية التي قد تسبب هشاشة العظام، لكن الأدهى هو أن بعض الوسائل المعالجة له تقود للنتيجة ذاتها، وهذا وفقاً لما جاء بتقارير مركز بحوث أمريكي تم نشره رسمياً مطلع عام 2007، والذي أكد أن العلاجات التي تعمل على إعادة امتصاص السيروتونين، تعمل على إضعاف البنية العظمية داخل الجسم، وبالتالي فأنها تضاعف من احتمالات الإصابة بـ هشاشة العظام، ومن المعروف أن هذا النوع من الأدوية يشاع استخدامه لعلاج حالات الاكتئاب المزمن..
لكن الجدير بالذكر أن في وقت لاحق صدرت تقارير أخرى مشككة بنتيجة الدراسة المذكورة، مؤكدة على أن لا خوف من تناول هذا النوع من العلاج، وأنه لا يوجد دليل علمي قاطع على أن استخدامها يقابله ضمور بالكتل العظمية.
اضطراب تناول الطعام :
اضطراب تناول الطعام أو اضطراب الأكل أو حتى اضطراب الشهية العصابي، كلها مسميات تشير إلى حالة مرضية واحدة، وتلك الحالة تم إدراجها ضمن قائمة العوامل المؤدية لـ هشاشة العظام، حيث أن التعرض لتلك الحالة يؤثر سلباً على الكتلة العظمية، خاصة تلك المتواجدة بمحيط منطقتي الحوض وأسفل الظهر، ونتيجة لضمورهما تضعف بنية الهيكل العظمي للإنسان بصفة عامة، مما يزيد من احتمالات تعرضه لحالة من هشاشة العظام مستقبلاً.
سرطان الثدي :
تعتبر هشاشة العظام واحدة من المضاعفات المحتملة لـ سرطان الثدي، وقد وجد العلماء أن نسبة ليست قليلة من النساء اللاتي تعرضن لسرطان الثدي، أصيبوا لاحقاً بدرجة من درجات ضعف و هشاشة العظام، خاصة بعد تلقيهن للأدوية الكيميائية المعالجة للسرطان، وقد استثنى من القائمة علاج “تاموكسيفين” الذي يستخدم لذات الغرض، ولكن الدراسات أثبتت أنه لا تأثيرات سلبية له على صحة العظام.
نقص الكالسيوم :
الجسم لا يصل أبداً لحالة إشباع من عنصر الكالسيوم، فطلبه لذلك العنصر يستمر منذ مولده وحتى آخر العمر، وذلك لأن صحة العظام وقوة نسيجها تعتمد عليه بصفة أساسية، وبالتالي فإن هشاشة العظام تأتي أحيانا مترتبة على التعرض لـ نقص الكالسيوم، أو الإصابة بمرض يعيق عملية امتصاص الجسم له والاستفادة منه، حيث أن انخفاض نسبة الكالسيوم تؤدي مباشرة لانخفاض كثافة العظام عن الدرجة الطبيعية، ويكون الأمر بالغ الخطورة إذا تعرض له الفرد في سن مبكر.
المشروبات الغازية :
تشتر المياه الغازية بأنها لها تأثيرات سلبية على صحة العظام، أو بالأحرى أنه أحد العوامل المسببة لمرض هشاشة العظام، وقد يتعجب البعض حين يعلموا بأن ذلك ليس سوى افتراض، العلاقة بين هذه المشروبات وهشاشة العظام لا تعتبر واضحة بنسبة 100%، ولكن بعض النظريات تشير إلى أن الإفراط في تناولها، يساهم في إعاقة عملية امتصاص العظام لعنصر الكالسيوم، وذلك بسبب احتواء المشروبات الغازية على نسبة مرتفعة من مركب الكافيين، والأمر نفسه يمكن أن ينطبق على الأنواع الشبيهة مثل مشروبات الطاقة، كما أن هذه المشروبات تعتبر من المواد المدرة للبول، مما يعني أن شاربها يفقد نسبة كبيرة من المعادن قبل حصول الجسم عليها، علاوة على أن الأنواع التي تحتوي على حمض الفسفوريك، تحدث تغيرات بمعدل حمضية الدم مما ينعكس بالسلب على صحة العظام، ويؤدي إلى انخفاض كثافة العظام وبالتالي تحدث الإصابة بالهشاشة.
عدم ممارسة الرياضة :
الانتظام في ممارسة التمارين الرياضية لا ينمي عضلات الجسم فقط، بل أن تأثيرات الرياضة الإيجابية أكثر شمولاً واتساعاً من ذلك، ويؤكد الأطباء على أن الرياضة تساهم في تقوية العظام وحمايتها، وبالتالي فأن الشخص الكسول غير المعتاد على مزاولة أنشطة بدنية، هو أكثر عرضة لـ هشاشة العظام من قرينه ممارس الرياضة، وفي ذات السياق يقول الأطباء أن العناية بصحة العظام تبدأ منذ الطفولة، وذلك بعدما وجدت الأبحاث أن الأطفال كثيرو الحركة والنشاط البدني، كانوا هم أصحاب الكثافة العظمية الأعلى، ولذلك كانت احتمالات تعرضهم لـ هشاشة العظام في فترة شبابهم شبه منعدمة.
خلل الغدة الدرقية :
هشاشة العظام قد تأتي مترتبة على خلل الغدة الدرقية، خاصة ذلك الخلل الذي يؤدي إلى إفراز كميات زائدة من هرموناتها، والذي يعرف أيضاً بنشاط الغدة الدرقية أو فرط الغدة الدرقية، وقد توصل العلماء إلى أن زيادة معدلات هذه الهرمونات بالجسم، يؤثر بشكل سلبي على كثافة النسيج العظمي وقوة العظام، كذلك قصور الغدة الدرقية قد يقود للنتيجة ذاتها بشكل مخالف، إذ أن العلاجات التي يتم تناولها لتنشيط الغدة الدرقية، لها آثار جانبية ضارة بصحة العظام، ويصبح من المحتمل معها تعرض الإنسان لحالة من هشاشة العظام.