البرود الجنسي للنساء هو إحدى أقسى الحالات المرضية، والتعرض لها يشكل أزمة جسمانية ونفسية لا يستهان بها، ولذا اهتم الاطباء والعلماء بذلك الخلل، وأقاموا العديد من الدراسات حول البرود الجنسي للنساء ،في محاول للكشف عن مُسبباته وأضراره، فترى إلى ماذا توصلت تلك الدراسات؟
البرود الجنسي للنساء .. تعريفه وأضراره ومسبباته :
البرود الجنسي للنساء هو أخطر مما قد يعتقد البعض، فآثاره السلبية تهدد الصحة البدنية و الصحة النفسية على السواء، بل وتهدد أيضاً البنية الاجتماعية للأسرة، فما المقصود بـ البرود الجنسي للنساء وما العوامل المسببة له؟
أولاً : البرود الجنسي للنساء .. ما هو؟
مصطلح البرود الجنسي للنساء هو مصطلح عام ومركب، فلا يقصد به الإشارة إلى حالة مرضية واحدة فحسب، بل أنه مسمى يشتمل على العديد من الأعراض، والمشكلات التي تعيق إتمام العملية الجنسية بالشكل المفترض لها.. فـ البرود الجنسي للنساء لا يختلف في تعريفه عن البرود لدى الرجال، فهو يتمثل في العجز الجنسي التام أو الجزئي، أي وجود إعاقة صريحة بالعضو تعيق العملية الجنسية، أو مجرد فقدان الشعور بالرغبة في ممارسة الجنس، أو انخفاض معدلات الإحساس بالشهوة الجنسية، أي أن أي سبب يقود إلى العزوف عن ممارسة الجماع الجنسي، أو انخفاض الشهوة والرغبة في ممارسته، يعد درجة من درجات البرود الجنسي للنساء وللرجال.
ثانياً : الضرر المباشر من البرود الجنسي للنساء :
ضعف الإثارة الجنسية لدى المرأة أو اختفاءها تماماً، تنتج عنه العديد من الآثار السلبية المباشرة، أهمها هو العجز عن الوصول إلى قمة الانتشاء، أو ما يعرف بذورة المتعة الجنسية أو انتفاضة وهزة الجماع، والاستسلام لتلك الحالة الجزئية من البرود الجنسي للنساء ،قد تتسبب في تحويل ذلك البرود إلى برود كلي أو مزمن، أي أن مع الوقت تفقد المرأة رغبتها في ممارسة الجنس بصفة عامة.. وذلك لا يؤثر على المرأة وحدها بل أن التأثير ينعكس على الزوج أيضاً، فالجماع الجنسي في الأساس يعتمد على المشاركة، وأولى الشروط الواجب توافرها كي يتم بالطريقة الأمثل، وتحقيق المتعة الجنسية للطرفين، هي أن تتولد الرغبة في الجماع لدى كلاهما بنفس القدر والمستوى، مما يعني أن البرود الجنسي للنساء يفقد الرجل أيضاً متعته.
ثالثاً : البرود الجنسي للنساء والآثر النفسي :
الآثر الناتجة عن البرود الجنسي للنساء لا يكون فسيولوجياً فقط، فالبتأكيد حالة كهذه يكون لها تأثير ما على الحالة النفسية، وبالتأكيد سيكون تأثيراً سلبياً، وقد كشفت الدراسات أن البرود الجنسي للنساء ،هو المسبب الأول لحالات الاكتئاب التي تصيب المتزوجات، فعدم الوصول إلى درجة الإشباع بعد إتمام المعاشرة الجنسية، يعكر صفو المرأة علاوة على أنه يهدد استقرار الحياة الزوجية ذاتها، مما يزيد من رتابة الحياة وكآبتها، بجانب أنه يخلف لدى المرأة شعوراً بالنقص، ويحفز المشاعر السلبية لديها مثل القلق والتوتر المفرط، فوفقاً للدراسات أيضاً النسبة الأكبر ممن النساء المصابات بحالة البرود، يكون مبعث الفزع والقلق لديهم، هو فكرة أن الشريك قد يتجه إلى امرأة أخرى، بهدف تلبية احتياجاته الفسيولوجية الطبيعية.
رابعاً : أسباب البرود الجنسي للنساء :
تم تناول حالات البرود الجنسي للنساء من خلال عِدة دراسات، تمكن العلماء من خلالها من تحديد مجموعة العوامل والمسببات، التي تقود في النهاية الإصابة بتلك الحالة المرضية، وقاموا بتقسيمها في مُجملها إلى نوعين رئيسيين من المسببات، هما المسببات المرضية والمسببات النفسية.
أ) الأسباب المرضية :
- أسباب البرود الجنسي للنساء العضوية أو المرضية، هي المسببة للنسبة الأكبر لحالات المعاناة من البرود الجنسي، أو ضعف الاستثارة الجنسية أو العزوف وفقدان الرغبة في ممارسة الجنس، وتلك المسببات العضوية أوجزها العلماء فيما يلي:
- الاضطرابات الهرمونية : حدوث الاستثارة والوصول إلى قمة الانتشاء والشعور بالرضا، هي مراحل العملية الجماع بين الشريكين الجنسيين، وتلك المراحل جميعها تتحكم فيها مجموعة من الهرمونات، والتي يقوم الجسم بإفرازها خلال إقامة العملية الجنسية، ومن ثم فإن أي خلل قد يصيب معدلات إفراز جسم المرأة لهذه الهرمونات، قد يقود إلى الإصابة بمستوى من البرود الجنسي للنساء ،وبصفة خاصة هرموني التستوستيرون والاستروجين، فهما المتحكمان في إتمام التفاعلات الجنسية.
- تشنجات المهبل : تلك التشنجات تنتج عن تقلص العضلات المحيطة بالمهبل، وذلك التقلص يتم بمعدلات مرتفعة ومتكررة، وفي بعض الحالات يكون التقلص شبه دائم، وفي بعض الحالات يكون معيقاً لإجراء عملية إيلاج الذكر، وفي حالات أخرى يسمح بإتمام الإيلاج بسهولة، إلا أنه يجعل عملية الجماع نفسها متسمة بشيء من الصعوبة والعسر، الأمر الذي ينتج عنه ألماً مبرحاً خلاله وبعد إتمامه، وفي كلا الحالتين مع مرور الوقت يسبب عزوف المرأة عن الجنس تماماً، تجنباً للشعور بالألم أثناء القيام بممارسة الجنس أو بعد إتمامها.
- اضطراب عضوي : من بين مسببات البرود الجنسي للنساء الاضطرابات العضوية، وذلك الاضطراب بالعضو التناسلي الأنثوي، ينتج عنه تردؤ مستويات الاستجابة للمثيرات الجنسية ومحفزاتها، ومن بين أمثلة الاضطراب النسائية العضوية، التعرض لحالة من احتقان المنطقة الخارجية التي تحيط بالمهبل.
- انخفاض الترطيب : بعض النساء يصبن بحالة من قلة أو انعدام ترطيب العضو التناسلي، وفي هذه الحالة ينخفض معدل الشعور بالإثارة الجنسية بنسبة كبيرة، وفي بعض الحالات ينعدم الإحساس بتلك المثيرات، الأمر الذي ينتج عنه في النهاية، عزوف المرأة عن ممارسة الجنس ونفورها منها، أي تصاب بحالة من حالات البرود الجنسي للنساء ،علاوة على أن انخفاض معدلات إفراز الجسم للسائل المرطب، من العوامل التي تسبب الألم عند حدوث عملية الإيلاج.
ب) الأسباب النفسية :
العملية الجنسية ليست مجرد وظيفة عضوية يجريها الجسد، أي أنها لا تتشابه من قريب أو بعيد مع عمليات الهضم أو التنفس، بل أن اعتمادها على العامل النفسي لا يختلف عن العامل العضوي، ومن ثم فإن الحالة النفسية تلعب دوراً في تأجيج الشهوة الجنسية، وتيسر من عملية الاستثارة الوصول إلى الرعشة أو الانتشاء، وكذا قد تكون سبباً في الأتيان بنتائج عكسية، ويكون العامل النفسي من مسببات البرود الجنسي للنساء ..كيف؟
- تجربة سابقة قاسية : من أهم العوامل المسببة لحالات البرود الجنسي للنساء ،هو المرور بتجربة جنسية سابقة تتسم بالقسوة والعنف، مثل التعرض لحادثة اغتصاب في فترة سابقة، أو الاعتداء الجنسي بأي شكل مثل التحرش أو غيره.. ففي تلك الحالة تتخلق عقدة نفسية بداخل المرأة، وكل مرة تقدم فيها على ممارسة العملية الجنسية، تسترجع تلك المشاهد المفزعة من ذاكرتها، الأمر الذي يجعلها تنصرف عن إتمام المعاشرة.
- الثقافة الجنسية : تدني مستوى الثقافة الجنسية قد يكون من أسباب البرود الجنسي للنساء ،فكلما انخفض معدل المعرفة بأمور الحياة الجنسية، كلما ارتفع معدل احتمال الإصابة بحالة من البرود الجنسي، وذلك ينشأ عن بعض المفاهيم والتصورات الخاطئة المتعلقة بالجنس، والتي تثير الخوف لدى النساء تجاه الجماع والمعاشرة، فمنهن من تعتقد بأنه من الأمور المؤلمة، وهذا يصيبها بالتوتر الذي يحد من متعتها وتفاعلها خلال الجماع.
- البيئة المحيطة : البيئة التي نشأت بها المرأة قد تسبب البرود الجنسي للنساء ،وذلك وفقاً لما جاء موثقاً بشكل رسمي بالعديد من نتائج الأبحاث، فبعض المفاهيم الاجتماعية المغلوطة، التي تعتبر الجنس جرماً أو عيباً أو ذنباً، تخلق لدى المرأة اعتقاد بأنها مقبلة على ارتكاب ذنب عظيم، وبالتالي تنفر المرأة من عملية الجماع، ومع الوقت تصاب بحالة من حالات البرود الجنسي.