نزيف الأنف والذي يعرف أيضاً بمسمى الرعاف، هو إحدى الحالات المرضية شائعة الحدوث، خاصة خلال مرحلة الطفولة، باستثناء نزيف الأنف الناتج عن ارتفاع ضغط الدم، فهو أكثر شيوعاً بين البالغين وكبار السن.. و نزيف الأنف يأتي نتيجة تضرر الشعيرات الدموية المنتشرة على الحاجز الأنفي الداخلي، مما يؤدي إلى إنفجارها أو تهتكها فيسيل الدماء منها عبر فتحتي الأنف.. فما هي الأسباب التي يترتب عليها تهتك تلك الشعيرات؟ وما الطريقة المثلي للتعامل مع حالات نزيف الأنف عند حدوثها؟
نزيف الأنف .. الأسباب وطرق التعامل معه :
شيوع نزيف الأنف كحالة مرضية مزعجة ومؤرقة، دفع كثير من العلماء إلى تناوله بالبحث والدراسة، في محاولة جادة منهم للوقوف على العوامل المسببة له، وكذا للكشف عن أفضل الطرق للتعامل معه حال حدوثه، ونتيجة تلك الدراسات كانت كالتالي ذكره.
العوامل المسببة لـ نزيف الأنف :
قام الأطباء والعلماء بتحديد مجموعة العوامل والمسببات، التي تقود في النهاية إلى حدوث نزيف الأنف ،ومنها ما هو خارج عن إرادة الإنسان، أي العوامل الطبيعية والمتعلقة بحالة الطقس أو الحالة الصحية، وكذلك هناك مسببات أخرى لـ نزيف الأنف ،تأتي متمثلة في مجموعة من السلوكيات البشرية، وكلا النوعين سنورده بالنقاط التالي ذكرها.
1- الطقس الجاف :
إن كنت تعاني من نزيف الأنف المتكرر، فلعلك لاحظت أن قطر الدماء من أنفك يزداد معدله في الأيام ذات الطقس الجاف، ولا يمكن القول بأن الأمر مجرد مُصادفة، فقد أثبتت الدراسات العلمية التي أجريت في هذا الصدد، إن جفاف الطقس من الأسباب المباشرة لحدوث نزيف الأنف ،وذلك لأن الهواء حين يمر بسرعة مرتفعة عبر الممرات الأنفية الضيقة، يؤدي إلى حدوث تهيج بالأغشية المبطنة للأنف من الداخل، وكذا يسبب إصابتها بحالة من الجفاف، ونتيجة لذلك يحدث سيلان للدم عبر المنخارين، وتزداد احتمالات حدوث ذلك بالنسبة للمصابون بانحراف وتيرة الأنف.
2- التهاب الأنف التحسسي :
أغلب أنواع الحساسية ذات تأثير سلبي ومباشر على الأنف، فاستجابة الجسم لهذا النوع من الأمراض، ينتج عنه تضرر الأنسجة والأغشية الرقيقة، والتي يتكون منها باطن التجويف الأنفي، وذلك الضرر يتمثل في حدوث تمدد بالشعيرات الدموية، والتي لا تتحمله طويلاً فينتج عن ذلك حدوث انفجار، وبالتالي يسيل الدم منها مُحدثاً نزيف الأنف ..على الرغم من أن تلك الحالة تبدو معقدة نوعاً ما، إلا أن علاجها لم يعد بذات الصعوبة التي كان عليها قبلاً، فاستحداث أنواع من علاجات الحساسية قوية التأثير، وإن علاج نوع الحسسية المسبب لـ نزيف الأنف يؤدي إلى وقفه.
3- تورم الجيوب الأنفية :
عند الحديث عن الإصابة بالتهاب أو ورم الجيوب الأنفية، فإننا هنا بصدد الحديث عن حالة مرضية أقرب للمزمنة، وفي تلك الحالة يتحول نزيف الأنف من حالة مرضية، إلى مجرد أحد الأعراض الدالة على ما هو أسوأ، ويجب فور استشعار التعرض لتلك الإصابة، التوجه إلى أقرب مستشفى للحصول على الرعاية الصحية المناسبة، وعادة حين يراود الطبيب الشك بتعرض المريض لهذه الحالة، يجري الفحص الطبي باستخدام الأشعة المقطعية أو المنظار، و نزيف الأنف الذي ينتج عن ورم الجيوب الأنفية والتهابها، يتميز بكونه قاتم اللون وذو رائحة مُنفرة.
ارتفاع ضغط الدم :
من المضاعفات المباشرة الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم، هو حدوث نزيف الأنف المتكرر، وذلك يحدث لكافة الفئات العمرية التي تعاني من فرط ضغط الدم، إلا أنه أكثر شيوعاً لدى كبار السن من الأطفال والمراهقين، ولعل ذلك يفسر سر ارتباط نزيف الأنف بالنشاط البدني، فكثيراً ما يصاب المرء بتلك الحالة أثناء ممارسة الرياضة، وذلك لأن المجهود البدني يقود إلى ارتفاع ضغط الدم المفاجئ.. مرضى ضغط الدم المزمن في مأمن من هذا، ما داموا منتظمون في تناول الأدوية لمنظمة لضغط الدم.
الصدمات :
تعرض عظمة الأنف لأي صدمة عنيفة، هو من الأسباب التي ينتج عنها نزيف الأنف كأثر مباشر، ولكن في أغلب الأحيان يكون ذلك بصفة عرضية، أي أن النزيف يدوم لفترة وجيزة لا تتعدى بضعة دقائق، ثم يتخثر الدم ويتوقف النزيف إلى الأبد، لكن ذلك يتوقف على شدة الصدمة التي تعرضت لها العظام، فقد سجلت الأبحاث أن بعض الحالات بعد تعرضهم لصدمات الأنف، عانوا من حدوث نزيف الأنف المتكرر، وذلك لأن البنية الداخلية للأنف تضررت نتيجة الصدمة العنيفة التي تعرضت لها.
العبث بالأنف :
عملية تنظيف الأنف لها آليات معينة وأدوات محددة، يجب اتباعها للوقاية من التعرض لـ نزيف الأنف ،فإن العبث بالأجزاء الداخلية أو محاولة تنظيفها عنوة، باستخدام الأصابع أو أدوات جافة أو حادة، النتيجة الحتمية له هي إصابة الأغشية والأوعية الدموية بالتهتك، وبالتالي سينتج عن ذلك التعرض إلى حالة من نزيف الأنف
نزيف الأنف .. حالة عرضة أم مرضية ؟
الإجابة على ذلك السؤال مركبة بعض الشئ، فـ نزيف الأنف في الواقع يحتمل كلا الاحتمالين، فهو في أغلب الحالات مجرد حالة عرضية، لكن ذلك لا ينفي أنه قد يكون ناتج عن الإصابة بمرض ما، وفي تلك الحالة يصبح نزيف الأنف مجرد عرض ضمن مجموعة أعراض، يلزم معه توقيع الكشف الطبي للتعرف على المرض المسبب له، لكن كيف يمكن التفريق بين النوعين.. هناك فروق عديدة بين نوعي نزيف الأنف المذكورين، ولكن أغلبها لا يمكن التعرف عليه إلا من خلال الكشف الطبي من قبل المتخصصين، أما العلامة الظاهرة الوحيدة والتي تمكن العوام من التفرقة بينهما، تكمن في موضع النزف، ففي الحالات العرضية العامة يكون النزف عادة من جانب واحد، هو الجانب الذي تعرض للصدمة أو تهتك الأوعية الدموية، أما إذا كان نزيف الأنف جاء مترتباً على الإصابة بمرض ما، ففي تلك الحالة غالباً يكون النزيف من فتحي الأنف معاً.
متى يتم اللجوء إلى الطبيب ؟
كما ذكرنا فإن نزيف الأنف من خلال كلا الفتحتين، هو أمر يشير إلى احتمالية تعرض الإنسان لمرض ما، ولهذا فإن عند التعرض لمثل هذه الحالة لابد من التوجه إلى الطبيب، كذلك نزيف الأنف الحاد يلزم معه الحصول على رعاية صحية، ويصف النزيف بالحاد وفقاً لامتداده الزمني، فإذا تجاوز الأمر 10 : 15 دقيقة يعتبر نزيفاً حاداً، كذلك يصنف نزيف الأنف كنزيف حاد إذا اتسم بالتكرار، أي تعرض المريض لنوبات النزيف خلال أيام متتالية، أو تعرض لها عِدة مرات خلال اليوم الواحد، ففي تلك وسائل وقف النزيف المنزلية لن تكون كافية، ويجب التوجه إلى أقرب مركز طبي لتوقيع الفحص والحصول على العلاج، ففي كثير من حالات النزيف الحاد، يكون المريض في حاجة إلى الحصول على نقل دم، وذلك لتعويض الكم الكبير الذي فقده أثناء عملية نزيف الأنف
التعامل مع حالة نزيف الأنف :
النسبة الغالبة من حالات نزيف الأنف أو الرعاف ليست خطرة، ولكن كي لا يتفاقم الأمر ولا يشكل خطراً على الصحة العامة للإنسان، فيجب أن يتم التعامل معه منزلياً بالشكل الصحيح، وذلك يمكن أن يتم من خلال اتباع النصائح التي قدمها الأطباء بهذا الصدد، والتي تتمثل في مجموعة الإجراءات التالي ذكرها.
- وضعية الجلوس : عند التعرض لـ نزيف الأنف فإن وضعية الجسم تلعب دوراً في إيقافه، وعلى المريض الحفاظ على وضع ظهره مستقيماً، مع الحرص على إمالة الرأس قليلاً إلى الأمام، وذلك لمنع الدم من الارتداد مجدداً إلى الجسم، أو الاتجاه إلى مجرى الحلق.
- قرص الأنف : من الإجراءات التي تساهم بفاعلية في إيقاف نزيف الأنف ،إحاطة جانبيها بين إصبعي اليد والضغط عليها، على أن يستمر المريض متخذاً تلك الوضعية لمدة 5: 10 دقائق.
- الترطيب : بعد توقف النزيف فالإجراء الأهم على الإطلاق هو الترطيب، وذلك يمكن أن يتم من خلال استنشاق الهواء النقي أو استعمال الفازلين، وذلك لمنع تكرار حدوث نزيف الأنف مرة أخرى.