قلب الطفل والحفاظ على سلامته، هو حلم تأمله كل أم، ولكن السؤال كيف يمكن تحقيق ذلك ومتى تبدأ عملية رعاية قلب الطفل ؟، والإجابة التي قد تكون متسمة بشئ من الغرابة، هي إن العناية بـ قلب الطفل تبدأ خلال فترة الحمل، فسلوك الأم الغذائي والمعيشي خلال تلك المرحلة الفريدة، هو العامل الأساسي والوحيد الذي يؤثر بالحالة الصحية لجنينها، وما ستزرعه خلال تلك المرحلة هو فقط ما ستحصده بعد تسعة أشهر.. فما النصائح التي يقدمها الأطباء في هذا الصدد؟
قلب الطفل ورعايته خلال فترة الحمل :
اكتمال نمو قلب الطفل خلال مرحلة الحمل بشكل صحي وسليم، هو أمر يتوقف على اتباع الأم للنصائح التي يقدمها للأطباء، والتي تنقسم إلى شقين رئيسيين، أولهما هو الحرص على الحصول مجموعة من العناصر الغذائية، التي كشف العلم عن مدى أهميتها في عملية تكوين ونمو قلب الطفل ،أما الشق الثاني يتمثل في تجنب مجموعة من السلوكيات، والتي أُثبِت علمياً إنها تشكل إعاقة لتلك العملية.
أولاً : أطعمة يجب تناولها :
العناية بصحة قلب الطفل تبدأ بمرحلة ما قبل الولادة ،أي إن ذلك يكون خلال فترة الحمل، ويتمثل في التزام وانتظام الأم في تناول أنواع محددة من الأطعمة، التي أثبت العلم إنها بالغة الأهمية لنمو قلب الطفل بشكل صحي وسليم، وذلك بفضل ما تحتوي عليه من عناصر لازمة لتلك العملية، فما هي تلك العناصر؟ وما تأثيرها على قلب الطفل ؟ وكيف تحصل الحامل عليها؟
أ) عنصر الكالسيوم :
الاعتقاد السائد هو إن عنصر الكالسيوم لازم لنمو عظام الجنين، وتناول الطفل إياه بعد الولادة يكون بهدف إكمال نمو نسيجه العظمي، ووقايته من التعرض لأي من المشكلات الصحية الخاصة بالعظام، مثل أمراض ليونة العظام أو هشاشة العظام وما يماثلها، ورغم إن هذه المعلومات حقيقية وصحيحة بنسبة 100%، إلا أن بها كثير من القصور، ففوائد الكالسيوم لا تقتصر على صحة العظام فقط، بل إنها تشمل كذلك صحة القلب وسلامته، ونمو قلب الجنين بشكل صحي وسليم، يلزم توفير قدر مناسب له من عنصر الكالسيوم، ويقدر العلماء الكمية الواجب توفيرها بصفة يومية من هذا العنصر، بحوالي 1000 مليجرام من الكالسيوم، كي يكتمل نمو قلب الطفل بشكل سليم وصحي.
- مصادر الكالسيوم : اللبن يعد هو المصدر الرئيسي والأساسي لهذا العنصر، ومن أهم فوائد اللبن أنه يعد مصدراً غنياً للكالسيوم، وكذا يمكن الحصول عليه من خلال مشتقات الألبان، وكذلك يتوفر الكالسيوم في البيض بنسب جيدة، وفي حالة افتقار الأم لهذا العنصر، أو إنها كانت مصابة قبل الحمل بنقص بمعدلات الكالسيوم، فسيكون عليها تناول مكملات الكاسيوم الغذائية، حفاظاً على قلب الطفل وسعياً وراء اكتمال نموه.
ب) عنصر الفسفور :
بعض الدراسات التي أجريت حديثاً والتي تناولت صحة القلب، أوضحت إن هناك ارتباط وثيق يربط بين أمراض القلب وعنصر الفسفور، وجاءت هذه الدراسة بما يكفي من أدلة وبراهين على صحة قولها، لكن عند تناول هذا الأمر فلابد أن نشير إلى أمر بالغ الأهمية، ألا وهو إن هذا التأثير السلبي للفسفور على قلب الطفل ،يحدث في حالة واحدة، وهي أن ترتفع معدلات الفسفور في الدم بنسب كبيرة، لكن هذا لا يقلل من أهمية الفسفور الصحية البالغة، بل إنه من أهم العناصر اللازمة لنمو قلب الطفل بالشكل السليم، ولا ضرر منه طالما إن نسبته في الجسم معتدلة، ويكفي القول بأن ذلك العنصر يساهم بشكل فائق الفاعلية في تنظيم وظائف القلب ونبضاته، وبالتالي فإن انخفاض معدلاته لا يقل خطورة عن ارتفاعها.
- مصادر الفسفور : للحفاظ على قلب الطفل والعمل على إكمال نموه خلال فترة الحمل، ينصح الأطباء الأم بتناول الأطعمة المعروفة بإنها غنية بعنصر الفسفور، ويمكن الحصول على هذا النوع من الأملاح من خلال اللبن أيضاً، بجانب العديد من المصادر الغذائية الأخرى، أشهرها الأسماك والأطعمة البحرية على وجه العموم، وكذا يتوفر في الشوفان والفول السوداني.
جـ) عنصر النحاس :
بالحديث عن صحة قلب الطفل لا يمكننا إغفال عنصر النحاس، فذلك العنصر هو المتحكم في العديد من الوظائف الحيوية بالجسم، ومن ثم فإن نقصه يعرض المرء للعديد من المخاطر الصحية، وفيما يخص قلب الطفل ونموه والحفاظ على صحته وسلامته، فإن النحاس له عِدة أدوار فعالة في هذا الصدد، منها إنه عنصر أساسي في تركيب الإنزيمات، التي تعد هي المسئولة عن الحفاظ على نشاط وصحة القلب، وكذا لها تأثير جيد على بنية العظام والجهاز العصبي والدماغ، بجانب هذا فإن النحاس له تأثير آخر على قلب الطفل ،وإن كان تأثيراً غير مباشر، إذ يساعد النحاس على إنتاج مواد عديدة تشابه الهرمونات في تركيبها، وتلك المواد تُنظم عملية ضغط الدم، ومن المعروف أن اختلالات ضغط الدم تؤثر بشكل سلبي على سلامة القلب.
- مصادر النحاس : لنمو قلب الطفل بشكل سليم وانتظام أداء وظائفه، فلابد على الأم من تناول 1مجم من النحاس يومياً على الأقل، ولكن من أين يمكن الحصول على هذا العنصر؟.. الأطباء ينصحون بالحصول على النحاس من مصادره الحيوانية، وأشهرها وأغناها به هي كبد الأبقار، كذلك يمكن الحصول على ذات العنصر من المشروم والفاصوليا، كما أن من فوائد المكسرات إمدادها للجسم بما يحتاج إليه من نحاس، وبصفة خاصة الكاجو الذي يعد أغنى المكسرات بالنحاس.
الثيامين أو فيتامين ب 1 :
في السابق كان يُعرب بعنصر فيتامين ب أو فيتامين ب1، ومع تناوله من خلال أكثر من دراسة بات يطلق عليه عنصر الثيامين، وبغض النظر عن خواصه أو أسباب تبديل اسمه، فأيا كان المسمى فهو في النهاية أحد أهم العناصر لـ قلب الطفل ،وإذا كانت الأم ترغب في ولادة طفل يتمتع بصحة قلب جيدة، فالحصول على هذا العنصر فرض عليها، ويكفي القول بأن فشل عضلة القلب، وهو أحد أخطر المشكلات الصحية التي قد يتعرض لها أي إنسان، يأتي نقص عنصر الثيامين على رأس قائمة مسبباته، ولوقاية قلب الطفل من التعرض لأي من هذه المشكلات الخطيرة مستقبلاً، يجب على الحامل التعرف على مصادر هذا العنصر والحرص على الحصول عليه، ومصادره هي كالتالي:
- مصادر الثيامين : 15 مجم من الثيامين بشكل يومي، هي الحصة التي يوصي بها الأطباء الحوامل لضمان نمو قلب الطفل وسلامته، والحصول على هذه الحصة يمكن أن يتم بتناول كافة أنواع اللحوم الحمراء، وكذلك أنواع الخضروات والبازلاء على وجه الخصوص، كما إن من أروع فوائد الشوفان، إنه يحتوي على نسب مرتفعة من فيتامين ب1 أو عنصر الثيامين.
ثانياً : عادات يجب التخلص منها :
لتحقيق الاستفادة الكاملة من كافة العناصر سالفة الذكر، والتي تعد بالغة الأهمية بالنسبة لنمو قلب الطفل والحفاظ على سلامته خلال الحمل، يجب التخلي عن بعض العادات إن كانت الحامل معتادة ممارستها، وذلك لإنها تشكل إعاقة للاستفادة من هذه العناصر الغذائية، بجانب إنها قد تلحق بالجنين العديد من الأضرار الأخرى، وتلك العادات هي:
- الكحول : إدمان الكحول يرافقه نقص حاد في معدلات عنصر الثيامين، وبالتالي ستفتقد الأم والجنين حينها فوائد ذلك العنصر، وبالتأكيد سيكون لهذا النقص العديد من الآثار السلبية على قلب الطفل ،بجانب ما كشفت عنه الدراسات من أضرار أخرى للكحول، من بينها إنها قد تصيب الجنين بالتشوهات.
- التدخين : هو الآفة التي لها يد في كل سوء يصيب الإنسان، وفيما يخص صحة القلب وسلامته، فإن التدخين أثناء الحمل ذو تأثير قاتل على سلامة قلوب البالغين، فما بالك بـ قلب الطفل ،فعند الاستعداد للحمل على الأم الإقلاع عن التدخين بشكل تام ونهائي، وذلك لأن طفلها سيتأثر حتماً بكل ذرة نيكوتين تُدخنها، وستؤثر عليه بعِدة أشكال بالغة السوء.
- النظام الغذائي السئ : كي تفستفيد الأم و قلب الطفل من العناصر الغذائية الجيدة، فلابد أن يكون النظام الغذائي بأكمله صحي ومتوازن، وتحقيق ذلك لا يعتمد فقط على تناول الأغذية المفيد للصحة، إنما أيضاً يجب الامتناع عن الضار منها، وبصفة خاصة الأطعمة الحاوية على نسب مرتفعة من الدهون المشعبة.