الهلاوس الحسية بوجه عام والسمعية والبصرية خاصة، هي عبارة عن فقدان الإنسان لسيطرته على قداراته الإدراكية، ومن ثم يشعر بمثيرات خيالية ويتعامل معها باعتبارها واقعه المادي، وبنسبة كبيرة يكون مبعث تلك الهلاوس استدلالات داخلية، أن أن الصور أو الأصوات التي تراود الإنسان تكون مكتسبة من ذكرياته أو نواياه أو أفكاره.
الهلاوس وأنواعها:
تتخذ الهلاوس عدة أشكال مختلفة، والحواس البشرية الخامسة محتمل إصابتها باضطراب الهلوسة، ومن المحتمل أن تتم إصابة الشخص بأكثر من نوع من أنواع الهلوسة في نفس الوقت، وتعد هلاوس الشم والهلاوس التذوقية هما أكثر أنواع الهلاوس شيوعاً، أما الهلاوس البصرية والسمعية فهما أشد الأنواع خطورة.
أولاً : الهلوسة السمعية :
الهلوسة السمعية هي إحدى الاختلالات الإدراكية التي قد تصيب الإنسان، وفي هذه الحالة تكون الهلاوس التي يتعرض لها المريض صوتية، أي أنه يسمع أصواتاً يحسبها حقيقية وهي لا وجود لها، وتسمى هذه الحالة طبياً بالمصطلح العلمي (Paracusia) ولا تعد الهلاوس السمعية مرضاً في ذاتها، إنما هي في الغالب تكون عرض مصاحب لمرض آخر، فهي تكون مصاحبة لعدد من اضطرابات العقل مثل مرض الفصام (سكيتسوفرينيا)، ولهذه الهلاوس دور محوري في تمكين الأطباء من تشخيص نوع المرض، وتعد الهلاوس الموسيقية هي الأوسع انتشاراً ضمن الهلاوس السمعية، ويتمثل في صوت مقطوعة موسيقية أو أغنية معينة تتردد طوال الوقت في أذن المريض، وعادة لا تكون عشوائية إنما تكون مقطوعة يعرفها المريض جيداً وتمثل له شيئاً.
أما عن مسببات هذا النوع من الهلاوس فهي عديدة، فهي تطرأ كنتيجة لإصابة ساق الدماغ بالتبقع، أي ظهور بقع غير طبيعية على نسيجها وهو مايعرف علمياً بـ(Lesions)، كذا تشتهر الهلاوس السماعية بأنها إحدى أعراض مرض الصرع، وقد تظهر بشكل وقتي في حالات تلوث الجروح وتجمع الصديد حولها، وأيضاً التهاب الخلايا الدماغية من مسببات الهلاوس السمعية الرئيسية، وهذا كله بجانب العوامل النفسية التي قد تعد مسبباً لمعظم الاختلالات الإدراكية، ويظن البعض أن الشخص الأصم تستحيل معاناته من الهلاوس السمعية، إلا أن الدراسات العلمية أثبتت أن فقدان السمع في حد ذاته قد يكون سبباً للإصابة بـ الهلاوس السمعية.
ثانياً: الهلوسة البصرية :
الهلاوس البصرية أو التهيؤات في تعريفها تتشابه كثيراً مع الهلوس السمعية، إلا أن التخيلات هنا تكون عبارة عن صور ذهنية متلاحقة، يخال للمريض أنها واقعية وأنه يشاهدها بعينيه، وهي أيضاً لا تعد مرضاً مستقلاً في ذاتها، إنما هي مظهر وعرض مصاحب لبعض الاضطرابات العقلية والاختلالات النفسية، وبناء عليه فإن درجة حدتها يتم تحديدها وفقاً لدرجة سوء المُسبب لها، فـ الهلاوس البصرية قد تنتج عن السهر الطويل أو الصداع الشديد، وبطبيعة الحال هي في تلك الحالة تكون بسيطة ولا تمتد لفترات طويلة، أما المستويات الأخرى من الهلاوس البصرية فهي أشد استعصاءً، وتبدأ برؤية ألوان وخيالات هلامية غير واضحة المعالم، وقد تطورت لحد تخيل وجود شخصيات أو كائنات تتحر بمحيطه. كما أن هناك نوع من الهلاوس البصرية خاص بالمكفوفين، يعرف باسم متلازمة جارلز-بوينت، ولكنه لا يصنف ضمن الهلاوس الخطيرة، حيث أن المريض يكون واعياً بأن ما يراوده ما هو إلا هلوسة.
هل هناك علاج ؟
علاج الهلاوس لم يعد بالأمر الصعب بعد أن كشف العلم كيفية حدوثه، فإن بعض الاضطرابات العقلية التي تصيب الإنسان تساهم في زيادة نشاط النواقل العصبية، وذلك يؤدي إلى تخبط في عملية الإدراك القائم على الحواس الخمس، وعلاج هذه الحالات يكون بتناول المريض العلاجات المضادة لمرض الذُهان، بجانب توفير الرعاية النفسية اللازمة له، والحد الأدنى الذي يستغرقه العلاج هو مدة ثلاثة أشهر.