العصبية الزائدة من العوامل المُدمرة لحياتنا، ولا شيء أخطر منها سوى الاستسلام لها، خاصة أن التغلب عليها ليس بالأمر المستحيل، والاستسلام سيفوت فرصتك في أن تحيا حياة هادئة مستقرة دون منغصات.. فالعصبية نار صاحبها هو أول من يحترق بها، وهو وحده من يتأثر بالأضرار الجسيمة الناتجة عنها.
أضرار العصبية الزائدة ومحاولات التغلب عليه :
أولاً : الأضرار:
الضرر الاجتماعي :
إذا سألت أصحاب العصبية الزائدة عن عدد من خسروا سيصعب عليهم تحديد الرقم.. فتلك الآفة هي أساس انهيار النسبة الأكبر من العلاقات، هي منشأ الخلافات داخل الأسرة وسبب طلاق المتزوجين وفراق الأصدقاء، هذا بخلاف المتاعب التي يجنيها العصبي جراء عصبيته في ميدان العمل، وعلاوة على فقدان العصبي للمقربين فأنه يتنامى بداخله شعوراً بالرفض، فهو دائماً الشخص المنبوذ الغير مرغوب فيه، وهذا كله يترك آثره على حالته المزاجية ويقوده مباشرة إلى الأضرار النفسية.
الضرر النفسي:
آثر العصبية الزائدة أو الغضب الشديد لا يقتصر على الدقائق التي يستغرقها الموقف مُسبب الإثارة، إنما يمتد أثرها لأكثر من ذلك بساعات أو أيام، فعادة بعد أن يهدأ الشخص المُنفعل يسترجع الموقف في ذهنه مراراً، ثم يدخل في نوبة من تأنيب الضمير ولوم النفس، تؤدي بدورها إلى إصابته بحالة من الاكتئاب، كما أن شعوره بالعجز عن السيطرة على أعصابه أيضاً ينعكس بالسلب على حالته المزاجية.. وكل هذه الأمور مجتمعة تؤثر مباشرة في مجريات يومه، حيث أن ذهنه يكون مشتتاً ومعناوياته منهاره، فلا يعمل ولا يُنتج مما يزيده إحباطاً، وبطبيعة الحال تلك الحالة النفسية بعد فترة يمتد تأثيرها إلى
الضرر الصحي:
عواقب العصبية الزائدة الصحية وخيمة وعديدة، وأخطر تلك العواقب يتمثل في احتمالية إصابة العصبي بأحد التالي ذكرهم:
- 1- نقص المناعة: الجهاز المناعي يتأثر سلباً وإيجاباً بالحالة النفسية للإنسان، وبناء عليه كلما كان الإنسان أكثر حدة وانفعالاً أدى ذلك لإضعاف مناعته، حيث أن نسبة الخلايا الليمفاوية تهبط لأدنى مستوياتها في ظل الضغط النفسي، وتلك الخلايا هي المسئول الرئيسي عن منع الإصابات الجرثومية وتكون الأورام، وذلك النقص يجعل الإنسان عرضة للعديد من الأمراض أحدها السرطان.
- 2- ارتفاع ضغط الدم: نوبات العصبية الزائدة يصاحبها ارتفاع شديد في سرعة نبضات القلب، وفي الوقت ذاته تكون الأوعية الدموية في حالة انقباض، مما يتسبب في الإصابة بارتفاع ضغط الدم، والذي يسمى بالقاتل الصامت؛ حيث أن من الأماكن ألا يكتشف الإنسان مرضه إلا بعد سنوات من الإصابة.
- 3- جلطة القلب: وفقاً لما هو مُثبت بالأوراق البحثية التي جرت بالجامعات الأمريكية، فإن نوبات العصبية الزائدة سبب مباشر في الإصابة بجلطة القلب، ويصل احتمال الإصابة إلى أربع أضعاف خلال الساعتين التاليتين للموقف الذي استدعى الغضب، وذلك بسبب ارتفاع نسبة هرمون “كيتوكولامين” في الدم.
- 4- مضاعفات السكري: لا يوجد علمياً ما يمكن الاستناد إليه في قول أن العصبية الزائدة تسبب السكري، لكن المُسلم به وفقاً للأبحاث الطبية هو أن الاضطرابات النفسية عموماً، وحالات الغضب بالأخص، تؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر عند المريض بالسكري، وأحياناً تكون سبباً في اكتشافه المرض للمرة الأولى.
ثانياً : طرق التغلب على العصبية الزائدة :
العقاقير المهدئة حل أخير وليس حلاً مثالياً، فهي مع الوقت تفقد مفعولها ومن الممكن أن يتحول تعاطيها إلى إدمان، ولذلك لا يُسمح بتناولها إلا تحت إشراف طبي، ولا يتم اللجوء إليها إلا في الحالات المرضية المُزمنة.. أما في المُطلق فهناك مجموعة من الإجراءات، التي يؤدي اتباعها إلى تعديل السلوك والخلاص من العصبية الزائدة
- 1- اوقف الأفكار السلبية : تقول الحكمة إنك الشخص الذي تريد أن تكونه، فتوقف من الآن عن إخبار نفسك بأنك عصبي، بل ثق بنفسك وردد دائماً إنك قادر على معالجة الأمر، فلا شخص يُولد عصبياً فتوقف عن الادعاء بأن هذه هي طبيعتك.
- 2- التمهل : قبل إصدار أي رد فعل توقف قليلاً وفكر بالأمر، فالاندفاع هو أول عامل مُسبب للعصبية، والتي قد تنتج عن مجرد سوء فهم سقط في شركه نتيجة لعدم التفكير.
- 3- الاسترخاء : ثاني الأسباب المؤدية للعصبية الزائدة هو الضغط العصبي، فحتى الآلات الكهربائية لا يمكنها أن تعمل طوال الوقت، فاحرص على الحصل على عطلة تنعم خلالها بالاسترخاء وتهدئ أعصابك، وتزيل عن كاهلك تراكمات العمل والمشكلات اليومية المُعتادة.
- 4- التحليل والتخيل : قم باسترجاع المواقف التي مررت بها وكنت غاضب خلالها، فكر بها وحلل نتائجها وما نتج عنها من أضرار، ثم قم بتخيل ماذا لو كان حدث العكس وتصرفت بشكل مغاير.. هذا الأسلوب دائماً ينصح به كبار خبراء النفس، حيث أنه يعمل على توجيه الإنسان عند مروره بمواقف مشابهة، كما أنه يساهم في زيادة قدرته على التحكم بانفعالاته.