الرئيسية - نصائح ومعلومات - أنواع الإدمان المعاصر (ج1) .. إدمان الشراء والتسوق
أنواع الإدمان المعاصر (ج1) .. إدمان الشراء والتسوق
أنواع الإدمان المعاصر (ج1) .. إدمان الشراء والتسوق

أنواع الإدمان المعاصر (ج1) .. إدمان الشراء والتسوق

أنواع الإدمان في أيامنا المعاصرة لا يمكن أن نقصرها على إدمان المواد، فالإدمان بمفهومه الشامل هو اعتياد الإنسان على القيام بفعل أو نشاط معين، حتى يصبح ذلك الأمر خارجاً عن سيطرته ويؤديه دون إرادة حقيقية منه، غاضاً بصره عن عواقب ذلك أو ما قد ينتج عنه من آثار سلبية صحياً أو نفسياً أو اجتماعياً.

 من أنواع الإدمان .. إدمان الشراء :

الشخص الذي يسرف في شراء كل ما يلزمه وما لا يلزمه، يوصفه العامة بالإنسان المبذر أو المسرف، لكن العلماء كان لهم رأياً آخر وصنفوه كحالة مرضية لابد أن تخضع لبرنامج علاجي، وأدرجوا هذا الفعل الذي يُمارس قهرياً كأحد أنواع الإدمان ،واسموه باسم إدمان التسوق أو إدمان الشراء ويُعرَّف علمياً بمصطلح أونيومانيا أو شوباهوليسم، وأعطى له الرمز الاختصاري “الحالة CB”، وقد عُرفت هذه الحالة من أنواع الإدمان قبل 100 عام تقريباً، وكان أول من تحدث عن هوس الشراء بوصفه أحد أنواع الإدمان ،عالم النفس إيميل كريبلين من ولاية ساكسونيا بشرق ألمانيا، لكنه للآسف أًهمِل ولم يخضع للدراسات الموسعة إلى في وقت متأخر من القرن المنصرم، واختلفت آراء العلماء حول التسوق القهري فبعضهم رأي أنه ينشأ عن خلل عقلي، أما المجموعة الأخرى فقد رأت فيه خلل نفسي صريح، لكنهم جميعهم اتفقوا على أعراضه ومضاعفاته وعلى أنه أحد أكثر أنواع الإدمان تفشياً بين الناس.

 تصنيف إدمان الشراء :

تصنيف الشراء القهري كأحد أنواع الإدمان هو التصنيف الوحيد المُجمع عليه، أما تصنيف مسببات هذا المرض فهي محل خلاف بين العلماء، فذهب بعض علماء النفس إلى أن هذا النوع من أنواع الإدمان يعد كأحد أشكال الاندفاع، وضمنوه قائمة المؤشرات والأعراض الدالة على فقدان الشخص السيطرة على الاندفاع، بينما قسم آخر منهم وصف هوس الشراء بالأمر الدال على حالة الوسواس القهري أو الاضطراب ثنائي القطب، وهذا التصنيف الأخير تم اعتماده من قبل المنظمة الصحية الألمانية لاضطراب الوسواس القهري، بينما التصنيف الأول كان مقبولاً أكثر بالنسبة لباحثي الولايات المتحدة.

 أعراض إدمان الشراء :

إدمان الشراء أو التسوق كأي من أنواع الإدمان الأخرى له أعراض دالة عليه، قام العلماء بتحديدها بعد أن تناولوا الأمر بالدراسة والتحليل.

  • المبالغة في التسوق : أول الأمور الدالة على إصابة شخص ما بأي من أنواع الإدمان السلوكي، هو المبالغة والإفراط في فعل ذات الشيء بشكل متكرر، ومن ثم فأن الشخص المدمن على الشراء يفرط في أداء عملية التسوق بمعدل أعلى من الطبيعي، ويكون الشراء بالنسبة إليه غاية لا وسيلة بمعنى أنه يخرج للتسوق من أجل التسوق.
  • الشراء غاية : المؤشر الثاني يأتي مترتباً على المؤشر الأول، حيث تكون النتيجة الدائمة لتسوق الشخص مدمن الشراء، هي اقتناء أشياء زائدة عن حاجته أو قد تكون مقتنيات لا يحتاجها أصلاً، إنما هو يشتريها فقط لإشباع رغبته الداخلية التي تلح عليه.
  • الندم : الإحساس بالندم هو عَرض تتشاركه مختلف أنواع الإدمان ،فمدمن الشراء كمدمن المخدرات تأتي عليه لحظة استفاقة بعد فعله، ويعتريه حينها شعور بالندم لكنه لا يتمكن من منع نفسه عن تكرار هذا السلوك مرة أخرى.
  • العزلة : من المؤشرات الأخرى المشتركة بين أنواع الإدمان هي العزلة، فالشخص المدمن بوجه عام يميل أكثر إلى الوحدة والانزواء عن الآخرين، فإذا لوحظ نهم أحدهم بالشراء وكان الانعزال من سماته فذلك مؤشر قوي على أن تسوقه إدمان أكثر منه تبذير.
  • الإنترنت : رغم أن الإسراف في استخدام الإنترنت يعد نوعاً مستقلاً من أنواع الإدمان ، إلا أن مؤخراً تم إدراجه ضمن أعراض إدمان الشراء، حيث وُجِد أن نسبة كبيرة من مدمني التسوق يقضون ساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر، لتصفح المواقع الخاصة بعرض المبيعات أو بالتسوق عن بعد، ويزداد هذا العرض بالنسبة لمن لا يتوفر لهم المال الكافي لإشباع رغباتهم في الشراء، فيستعيضون عن ذلك بتصفح تلك المواقع ومطالعة الأشياء المطروحة للبيع، وذلك السلوك يقودهم لمضاعفات أخطر حيث يأجج شعور الحسرة لديهم، مما يساهم في زيادة حدة الاكتئاب الذي يعاني منه المريض.

 أسباب إدمان الشراء :

العلماء المُصنفون لـ أنواع الإدمان السلوكي كخلل عقلي، يختزلون الأسباب المؤدية إليه في ذلك السبب وهو الإصابة العقلية، أما من يرجعون إدمان التسوق إلى أسباب نفسية فقد حددوا له أسباب عدة، انقسمت في مجملها إلي شقين رئيسيين، هما الشق المسمى بالأسباب الشخصية والثاني الأسباب النظامية.

 أولاً : الأسباب الشخصية :

الأسباب الشخصية التي تقود للإصابة بأي من أنواع الأدمان ،يقصد بها الأسباب التي تكون متعلقة بالشخص كفرد في ذاته، وتكون عادة مرتبطة بالحالة النفسية والمزاجية للمريض، وفيما يخص إدمان الشراء فقد حدد علماء النفس الأسباب الشخصية بالآتي:

  •  الحرمان : يرى علماء النفس أن مشاعر الحرمان من أقوى مسببات الاختلالات النفسية، والتي تنعكس بشكل مباشر على سلوكيات الإنسان المصاب، وقد يظهر ذلك التأثير في صورة إقبال الشخص على أحد أنواع الإدمان بلا وعي، بهدف تعويض ذلك الشعور بالحرمان بالإفراط في اتباع سلوك معين يحقق له اللذة، ويقصد بالحرمان هنا كلا نوعيه سواء الحرمان المادي أو الحرمان العاطفي، مما يعني أن أسباب الإدمان السلوكي قد تبدأ في وقت مبكر لدى الأطفال، بينما يظهر تأثيرها في وقت متأخر ابتداء من عمر المراهقة وما بعده، وفقاً لدراسة الباحث ديساربو وادواردز التي تمت في 1996م.
  • المشاعر السلبية : المشاعر السلبية بوجه عام عندما تزيد للحد الذي توصف معه بحالة مرضية، تدفع الشخص في اتجاه السلوك المسمى بالتطييب الذاتي، حيث يقاوم الغضب والتوتر والقلق بشعور ما يحقق له شيء من الانتشاء، ومن ثم ينجرف إلى أحد أنواع الإدمان لتحقيق تلك الحالة المطلوبة من الشعور باللذة، وفي أغلب الأحيان إن لم يقدم على إدمان المواد المخدرة فيكون إدمانه إدماناً سلوكياً ، وبنسبة كبيرة يكون إدمان التسوق والشراء هو ما ينجذب إليه.
  • حالات الاكتئاب : في سياق الحديث عن المشاعر السلبية المؤدية إلى اتجاه الإنسان إلى أنواع الإدمان المختلفة، تأتي مشاعر الاكتئاب على رأس هذه المشاعر، ووجدت الأبحاث أن أغلب حالات إدمان الشراء كان المصاب به يعاني من حالة الاكتئاب الحاد.

ثانياً : الأسباب النظامية :

عند الحديث عن الأسباب النظامية التي تقود إلى مختلف أنواع الإدمان ،فيكون المقصود بها هو الأسباب الخارجة عن إرادة المدمن الفرد، وهي الأسباب الاجتماعية أو تلك التي تتعلق بالبيئة المحيطة بالفرد، والتي تلعب دوراً هاماً في التأثير على الحالة النفسية للإنسان، وترتيباً على ذلك تؤدي إلى تغيرات سلوكية إحداها إقدامه على الإدمان.

  •  الهوية الاجتماعية : افتقار الشخص للشعور بقيمته الذاتية واهميته بمجتمعه قد تقوده إلى أحد أنواع الإدمان أيضاً، فذلك الشعور بالنقص الذي يترسخ في نفسيته يدفعه إلى تعويضه باتباع سلوك ما، وقعد وجدت الدراسات أن أغلب من يفتقرون للشعور بالأهمية هم الأكثر إقبالاً على أنواع الإدمان السلوكي، ويبرر علماء النفس علاقة تقدير الذات بإدمان التسوق، هو أن المريض لا يكون بحاجة إلى الشراء بقدر حاجته إلى الشعور بالاهتمام والاحترام، والذي يمنحه إياه البائع بالمتجر عند تعامله معه.
  •  العادة : العادات الإنسانية علمياً تنشأ كنتيجة لتكرار فعل شيء معين، وتكرار العادة يجعل منها جزء أساسي من سلوك الإنسان، مما يدفعه إلى ممارستها بشكل عفوي ودون وعي كامل منه، وأكبر مثال على ذلك ما أثبت من أن التدخين إدمان سلوكي أكثر من كونه إدمان لمادة، ومن ثم فأن بعض أنواع الإدمان السلوكي تبدأ كعادة ثم تتحول إلى اضطراب باثولوجي، وفقاً لما تؤكده الدكتورة مارتينا زوان رئيس قسم العلاج النفسي بمركز إيرلانجين الجامعي بألمانيا.
  •  تربية خاطئة : أغلب المشاكل النفسية التي يواجهها الإنسان في كبره تبدأ منذ الطفولة، وعادة ما تكون أساليب التربية ضالعة في الأمر، وبعض أنواع الإدمان خاصة السلوكية تنتج عن قصور في التربية، فالتدليل الزائد على سبيل ينمي بداخل الطفل رغبة الامتلاك، وبالتالي حين يكبر يتحول الاستحواذ على الأشياء رغبة جامحة لديه، ولا تعد تتحقق له السعادة إلا باقتناء كل ما يقع عليه بصره.

 علاج إدمان الشراء :

من خلال بحث أجري على حوالي 60 فرد، النساء منهم 51 أما الرجال فكانوا 9، بعد أن تم التأكد من أن الـ60 جميعهم مصابون بإدمان التسوق والشراء، وتلك الدراسة التي تمت بالاشتراك بين أطباء مستشفى أيرلانجين الألمانية، وفريق بحثي من جامعة نورث داكوتا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال هذه الدراسة تمكن  كلا الفريقيتن من التوصل إلى أسس علاج إدمان الشراء أو الشراء القهري، وكأي من أنواع الإدمان الأخرى وجدوا أن علاج إدمان الشرء يقوم على محورين، هما العلاج بالأدوية والعقاقير بجانب توفير الرعاية النفسية المطلوبة لمساعدته على اجتياز الأمر، ولازال البحث مستمر عن علاج آخر لهذا النوع من أنواع الإدمان، يكون أقوى تأثيراً وأكثر فاعلية من الأسس العلاجية التي توصلوا إليه، والمتمثلة في الآتي:

  •  مضادات الاكتئاب : يلجأ الأطباء إلى الأدوية المضادة للاكتئاب لعلاج مختلف أنواع الإدمان ،لكن ما تم اكتشافه مؤخراً هو أن مضاد الاكتئاب غير فعال بالنسبة لإدمان الشراء، فبالرغم أن له تأثيرات إيجابية ملحوظة إلا أنها تتسم بكونها تأثيرات وقتية، أي أنها ليست شافية بشكل تام واستمرار تأثيرها يرتبط باستمرار تعاطيها، ولوحظ أن نسبة كبيرة ممن أصيبوا بإدمان الشراء، تتدهور حالتهم ويعودون إلى عاداتهم القديمة بمجرد إيقاف تعاطيهم للعلاج المضاد للاكتئاب.
  •  الاعتراف : اعتراف الإنسان وإقراره بأنه مصاب بأحد أنواع الإدمان ليس أمراً سهلاً، لكنه ضروري كخطوة أولى على طريق الاستشفاء منه، فـ أنواع الإدمان المختلفة وإن كانت تتمثل في صورة أفعال خارجة عن إرادة الفرد، إلا أنه حين يمارس تلك الأفعال يكون في كامل وعيه ومدركاً لإفراطه فيها، ومن ثم كي يؤتي العلاج النفسي ثماره لابد من إقراره أولاً بما يعاني منه.
  •  جلسات العلاج النفسي : هناك أكثر من سبب لضرورة خضوع مريض الإدمان السلوكي لجلسات العلاج النفسي، السبب الأول هو أن غالباً ما يكون إدمانه في الأساس مجرد نتيجة لإصابته بأزمة نفسية أخرى، وبناء عليه فأي من أنواع الإدمان السلوكي يمكن معالجته بالتغلب على مُسبباته، مثل تخليص المريض من مشاعره السلبية التي تتحكم في تصرفاته، مثل القلق المفرط والاكتئاب والتوتر الدائم.. أما السبب الثاني فهو أن الشخص بمجرد اعترافه بإدمانه لفعل ما، هذا يشكل بالنسبة له صدمة نفسية قوية ليست بالهينة، ومن ثم فأن الطب النفسي يلعب دوراً هاماً في مساعدته على اجتياز تلك الصدمة، ويدفعه للتعامل بإيجابية والسعي إلى التخلص من السلوك الذي أدمنه.

عن محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

شاهد أيضاً

مادة الليكوبين .. ما فوائدها وكيف تحصل عليها؟

مادة الليكوبين .. ما فوائدها وكيف تحصل عليها؟

مادة الليكوبين هي واحدة من أهم العناصر الغذائية وربما هي الأهم على الإطلاق وذلك لما لها من فوائد وآثار صحية إيجابية.. فما تلك الفوائد ؟ وكيف نحصل عليها ؟